لأن الإضافة إلى الجملة كلا إضافة ؛ لأن أثرها ـ وهو الجرّ ـ لا يظهر ، والكسر على أصل التقاء الساكنين ، والفتح للتخفيف.
ومن العرب من يعرب «حيث» ، وقراءة من قرأ (مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ١٨٢] بالكسر تحتملها وتحتمل لغة البناء على الكسر.
وهي للمكان اتفاقا ، قال الأخفش : وقد ترد للزّمان ، والغالب كونها في محل نصب على الظرفية أو خفض بـ «من» ، وقد تخفض بغيرها كقوله [من الطويل] :
______________________________________________________
وبعد وسائر الجهات الست نحو أمام وخلف ووراء وقدام وفوق وتحت ، وسميت غايات ؛ لأنها لما تضمنت المعنى النسبي كان حقها أن لا تكون غاية ، وإنما تكون الغاية في المنسوب إليه فلما حذفت ، وضمنت معناه سميت باسم غريب إيذانا بأنها وقعت مخالفة لوضعها ، أو سميت بذلك لصيرورتها بعد الحذف غاية في النطق بعد أن كانت وسطا كذا قال الرضي ، فإن قيل : كيف تشبه حيث بالغايات وهي مقطوعة عن الإضافة وهي مضافة؟ قلنا : (لأن الإضافة إلى الجملة كلا إضافة ؛ لأن أثرها وهو الجر لا يظهر) لفظا فساغ التشبيه من هذه الحيثية ، (والكسر على أصل التقاء الساكنين ، والفتح للتخفيف ومن العرب ومن يعرب حيث) وهم بنو فقعس ، ووقع هنا جناس حسن بين العرب ويعرب ، (وقراءة من قرأ (مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) بالكسر تحتملها) أي : تحتمل لغة الإعراب ، (وتحتمل لغة البناء على الكسر) ، وكذا لو قيل : جلست حيث جلست بفتح الثاء احتملت لغة الإعراب ولغة البناء على الفتح ، (وهي للمكان اتفاقا ، قال الأخفش : وقد ترد للزمان) واحتج له بقول الشاعر :
للفتى عقل يعيش به |
|
حيث تهدي ساقه قدمه (١) |
أي : في زمن الهداية ولا حجة فيه لاحتمال المكان ، (والغالب كونها في محل نصب على الظرفية) نحو (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] (أو خفض بمن) نحو (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [البقرة : ١٤٩] ، (وقد انخفض بغيرها) أي : بغير من (كقوله :
__________________
(١) البيت من البحر المديد ، وهو لطرفة بن العبيد في ديوانه ص ٨٦ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٩ ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ٩٢.