قائمة الکتاب
ـ حرف الثاء
٣٢
إعدادات
شرح الدماميني على المغني اللبيب [ ج ١ ]
شرح الدماميني على المغني اللبيب [ ج ١ ]
المؤلف :محمّد بن أبي بكر الدماميني
الموضوع :اللغة والبلاغة
الناشر :مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :508
تحمیل
(مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ٨ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) [السجدة : ٧ ـ ٩] ، (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) [الأنعام : ١٥٣] ؛ وقول الشاعر [من الخفيف] :
١٧٤ ـ إنّ من ساد ثمّ ساد أبوه |
|
ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه |
______________________________________________________
سهو في التلاوة بلا شك وما أظنه قصد بالتلاوة إلا الآية التي في سورة الزمر ، وليس فيها هو الذي ، وإنما هي (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) أي : ذكر وأنثى من الإبل والبقر والضأن والمعز كما بين في سورة الأنعام ، وأما الآية التي فيها : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ) فهي في سورة الأعراف وليس فيها ثم وإنما هي هكذا : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها) والحاصل أنه ليس في القرآن في هذا المعنى آية جمع فيها بين هو الذي وكلمة ثم ، والاستشهاد حاصل بآية الزمر ؛ فإن خلق حوّاء لم يكن بعد خلق الذرية ، فثبت أن ثم استعملت بمعنى الواو مجازا للاتصال الذي بينهما في معنى العطف ، فالواو لمطلق العطف وثم لعطف مقيد ، والمطلق داخل في المقيد فيثبت بينهما اتصال معنوي ، فيجوز أن تستعمل بمعنى الواو ، فقال هؤلاء القوم بذلك تمسكا بهذه الآية ، وبقوله تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ٧ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) [السجدة : ٧ ـ ٨] أي : ذريته وسميت الذرية نسلا ؛ لأنها تنسل ، منه : أي : تنفصل وتخرج من صلبه (مِنْ سُلالَةٍ) أي : من نطفة ، (مِنْ ماءٍ) أي : من مني وهو بدل من الأول ، (مَهِينٍ) أي : ضعيف حقير ، (ثُمَّ سَوَّاهُ) أي : قومه ، (وَنَفَخَ) أي : أدخل (فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) [السجدة : ٩] وهذه الإضافة للتخصيص ، كأنه قال : ونفخ فيه من الشيء الذي اختص هو به وبعلمه ، والاستشهاد بهذه الآية باعتبار ثم الثانية ، لا الأولى ؛ فإن تسوية آدم لم تكن جعل نسله من ماء مهين ، وبقوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام : ١٥٣] وهذا خطاب لهذه الأمة ، (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) [الأنعام : ١٥٤] فالاستشهاد واضح ؛ لأن إيتاء موسى الكتاب كان سابقا على ذلك ، فلا تكون ثم للترتيب (وقول الشاعر) بالجر أي وتمسكا بقول الشاعر :
(إن من ساد ثم ساد أبوه |
|
ثم قد ساد قبل ذلك جده) (١) |
بسكون الهاء والبيت من بحر الخفيف ، ولا يستقيم وزنه إلا بإثبات قد بعد ثم ، وسقطت سهوا في بعض النسخ المعتمدة ، ووجه الاستشهاد به واضح ؛ لأن سيادة الأب قبل سيادة الابن ،
__________________
(١) البيت من البحر الخفيف ، وهو لأبي نواس في ديوانه ١ / ٣٤٤ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٧ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٤٢٨.