الثالث : المبتدأ ، وذلك في قولهم : «بحسبك درهم» ، و «خرجت فإذا بزيد» ، و «كيف بك إذا كان كذا» ، ومنه عند سيبويه : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (٦) [القلم : ٦] ؛ وقال أبو الحسن «بأيّكم» متعلّق باستقرار محذوف مخبر به عن «المفتون» ، ثم اختلف ، فقيل : المفتون مصدر بمعنى الفتنة ؛ وقيل : الباء ظرفيّة ، أي : في أيّ طائفة منكم المفتون.
* * *
تنبيه ـ من الغريب أنّها زيدت فيما أصله المبتدأ وهو اسم «ليس» ، بشرط أن يتأخر إلى موضع الخبر ، كقراءة بعضهم : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) [البقرة : ١٧٧] بنصب «البرّ» ، وقوله [من المتقارب] :
______________________________________________________
(الثالث) من محال زيادة الباء (المبتدأ وذلك في قولهم : بحسبك درهم) وإنما مثل بدرهم المنكر ليكون المثال مما اتفق فيه على زيادة الباء في المبتدأ وإلا فلو مثل بالمعرف نحو حسبك زيد لكان محل الزيادة مختلفا فيه ، هل هو خبر كما يقول ابن مالك أو مبتدأ كما يقول غيره؟ (وخرجت فإذا بزيد ، وكيف بك إذا كان كذا) إذا المعنى خرجت ، فإذا زيد وكيف أنت إذا كان كذا (ومنه عند سيبويه) قوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ٥ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (٦) [القلم : ٥ ـ ٦] أي : بأيكم المجنون ، لأنه فتن أي : محن بالجنون (وقال : أبو الحسن) الأخفش (بأيكم متعلق باستقرار محذوف مخبر به عن المفتون) فليست الباء فيه كما قال سيبويه (ثم اختلف) على قول الأخفش (فقيل : المفتون مصدر بمعنى الفتنة) ومجيء صيغة مفعول للمصدر لم يثبته سيبويه ، وأثبته غيره مع الاعتراف بقلته كالميسور بمعنى اليسر والمعسور بمعنى العسر المجلود بمعنى الجلد والموضوع بمعنى الوضع والمرفوع بمعنى الرفع ، والمعقول بمعنى العقل (وقيل : الباء ظرفية) والمفتون اسم مفعول لا مصدر (أي : في أي طائفة منكم المفتون) وقضية هذا أن الباء على القول الأول وهو جعل المفتون مصدرا بمعنى الفتنة ، ويحتمل أن تكون للسببية أو للإلصاق على ذلك القول فتأمله.
(تنبيه : من الغريب أنها زيدت فيما أصله المبتدأ وهو اسم ليس بشرط أن يتأخر إلى موضع الخبر) ، وكأن السر في ذلك أنه حينئذ يكتسب شبها بالخبر من حيث الصورة بسبب حلوله في محله ، فيجسر ذلك على زيادة الباء فيه كما تزاد في الخبر ، (كقراءة بعضهم (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) بنصب البر ، وقوله :