أي : فسبّحه حامدا له ، أي : نزّهه عمّا لا يليق به ، وأثبت له ما يليق به ، وقيل : للاستعانة ، و «الحمد» مضاف إلى الفاعل : أي : سبّحه بما حمد به نفسه ، إذ ليس كلّ تنزيه بمحمود ؛ ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات.
واختلف في «سبحانك اللهمّ وبحمدك» ، فقيل : جملة واحدة على أن الواو زائدة ؛ وقيل : جملتان على أنها عاطفة ، ومتعلّق الباء محذوف ، أي : وبحمدك سبّحتك ، وقال الخطّابي : المعنى وبمعونتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدك سبّحتك ، لا بحولي وقوّتي ، يريد أنه مما أقيم فيه المسبّب مقام
______________________________________________________
ولكنه لم يذكر والتقدير : بحمد ربك (أي سبحه حامدا له) فجعل موضع الباء ومصحوبها الحال ، وهو إحدى العلامتين المتقدمتين (أي نزهه عما لا يليق به) وهذا معنى التسبيح (وأثبت له ما يليق به) وهذا معنى الحمد ، إذ هو الثناء بالصفات الجميلة ، فإن قلت : من أين يلزم الأمر بالحمد وهو إنما وقع حالا مقيدة للتسبيح ، ولا يلزم من الأمر بالشيء الأمر بحاله المقيدة له ، بدليل اضرب هندا جالسة قلت : إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الحال من نوع الفعل المأمور به ، ولا من فعل الشخص المأمور كالمثال المذكور ، أما إذا كانت بعض أنواع الفعل المأمور به نحو حج مفردا أو كانت من فعل الشخص المأمور نحو ادخل مكة محرما فهي مأمور بها ، وما تكلم به المصنف من هذا القبيل ، (وقيل : للاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل أي : سبحه بما حمد به نفسه ؛ إذ ليس كل تنزيه بمحمود ألا ترى أن تسبيح كثير من المعتزلة اقتضى تعطيل كثير الصفات) فليس تسبيحهم المقتضي لذلك بمحمود (واختلف في) قوله صلىاللهعليهوسلم «سبحانك اللهم وبحمدك» (١) فقيل جملة واحدة على أن الواو زائدة) والأصل سبحانك بحمدك سبحانا ، ثم أضيف سبحان إلى المفعول فوجب حذف فعله كما في (فَضَرْبَ الرِّقابِ ،) فإن قلت : كيف عد هذا جملة واحدة مع أن فيه جملة النداء؟ قلت : هي معترضة والمراد من الكلام المعدود جملة ما عداها (وقيل : جملتان على أنها عاطفة ومتعلق الباء محذوف أي :) سبحناك يا الله (وبحمدك سبحناك) وهذا الخلاف الذي ساقه المصنف لا يقتضي خلافا في معنى الباء الداخلة على الحمد في هذا التركيب ، بل هي محتملة للمصاحبة والاستعانة على كل من هذين القولين ، وإنما الخلاف في كون الكلام جملة أو جملتين ، وهذا لا مدخل له فيما هو بصدده من الكلام على الباء ، فما معنى ذكره هنا؟ (وقال الخطابي : المعنى وبمعونتك التي هي نعمة توجب علي حمدك سبحتك لا بحولي وقوّتي ، ويريد أنه مما أقيم فيه المسبب) المذكور هو الحمد (مقام
__________________
(١) أخرجه مسلم ، كتاب الصلاة ، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة (٣٩٩) ، والترمذي ، كتاب الصلاة ، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (٢٤٢) ، والنسائي ، كتاب الافتتاح ، باب نوع آخر من الذكر (٨٩٩) ، وأحمد (٣٨٨١).