والثاني : أن تجيء للحال ، وذلك بعد القسم ، نحو : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) [الليل : ١] ، (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (١) [النجم : ١] ، قيل : لأنها لو كانت للاستقبال لم تكن ظرفا لفعل القسم ، لأنه إنشاء لا إخبار عن قسم يأتي ، لأن قسم الله سبحانه قديم ، ولا لكون محذوف هو حال من والليل والنجم ، لأن الحال والاستقبال متنافيان. وإذا بطل هذان الوجهان تعيّن أنه ظرف لأحدهما على أن المراد به الحال. اه.
والصّحيح أنه لا يصحّ التعليق بـ «أقسم» الإنشائيّ ، لأن التقديم لا زمان له ، لا حال ولا غيره ، بل هو سابق على الزّمان ،
______________________________________________________
المراد بالندمان هنا النديم لا النادم ، قال الشاعر :
إذا كنت تدماني فبالأكبر اسقني |
|
ولا تسقني بالأصغر المتثلم (١) |
والكأس مؤنثة مهموزة ، الإناء يشرب فيه ، وقيل : ما دام الشراب فيه فإذا كان خاليا منه سمي قدحا ، وتغورت غربت ، والبيت ليس بقاطع على مجيء إذا للماضي لجواز إن سقيت بمعنى اسقي وهو دليل جواب إذا أي : إذا غربت النجوم اسقنيه.
(والثاني أن تجيء للحال وذلك بعد القسم نحو (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) [الليل : ١] ونحو (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (١) [النجم : ١] قيل) دل استعمال إذا بعد القسم في نحو هاتين الآيتين على أنها للحال ؛ (لأنها لو كانت للاستقبال لم تكن ظرفا لفعل القسم لأنه إنشاء لا إخبار عن قسم يأتي ، لأن قسم الله سبحانه وتعالى قديم ولا يكون محذوف وهو حال من الليل) في الآية الأولى (و) من (النجم) في الآية الثانية ؛ (لأن الاستقبال والحال متنافيان) فلا يجعل أحدهما ظرفا للآخر (وإذا بطل هذان الوجهان) وهما كونها ظرفا لفعل القسم وكونها ظرفا للحال مع جعل إذا للاستقبال (تعين أنه) أي : أن لفظ إذا (ظرف لأحدهما) وهو إما فعل القسم أو الكون المحذوف الذي هو حال من الليل والنجم (على أن المراد به) أي : بإذا (الحال) فلا تنافي حينئذ ولا مانع لأن الإنشاء حالي فلا ينافيه أن المراد بهما الحال ؛ ولأن الكون المحذوف حال بالفرض فلا يمتنع كونه مظروفا لإذا المراد بها الحال (اه) كلام هذا القائل وزيفه المصنف بقوله : (والصحيح أنه لا يصح التعليق بأقسم الإنشائي لأن القديم لا زمان له لا حال ولا غيره ، بل سابق على الزمان) وهذا ليس بخاص بالإنشاء بل يجري في الخبر أيضا ؛ لأن كلام الله تعالى قديم لا
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للنعمان بن نضل العدوي في الأزهية ص ٢١٨ ، ولسان العرب ١٠ / ٣٥ (حسن) ، وبلا نسبة في لسان العرب ١٠ / ١٠٧ (دهق).