ويقول له : أخطأت ، فقال له سيبويه : هذا سوء أدب ، فأقبل عليه الفراء فقال له : إن في هذا الرجل حدّة وعجلة ، ولكن ما تقول فيمن قال «هؤلاء أبون ومررت بأبين» كيف تقول على مثال ذلك من «وأيت» أو «أويت» فأجابه.
فقال : أعد النظر.
فقال : لست أكلّمكما حتى يحضر صاحبكما.
فحضر الكسائي فقال له الكسائي : تسألني أو أسألك؟ فقال له سيبويه : سل أنت ، فسأله عن هذا المثال ، فقال سيبويه : «فإذا هو هي» ، ولا يجوز النصب ؛ وسأله عن أمثال ذلك نحو : «خرجت فإذا عبد الله القائم ، أو القائم» ، فقال له : كل ذلك بالرفع.
فقال الكسائي : العرب ترفع كلّ ذلك وتنصب.
فقال يحيى : فقد اختلفتما ، وأنتما رئيسا بلديكما ، فمن يحكم بينكما؟
فقال له الكسائي : هذه العرب ببابك ، قد سمع منهم أهل البلدين ، فيحضرون ويسألون. فقال يحيى وجعفر : أنصفت ، فأحضروا ، فوافقوا الكسائي ،
______________________________________________________
ويقول له : أخطأت فقال) سيبويه : (هذا سوء أدب) ولقد صدق سيبويه رحمهالله في أن هذا سوء أدب من الأحمر (فأقبل عليه الفراء ، فقال له : إن في هذا الرجل) يعني خلفا الأحمر (حدة) أي بأسا وشدة ، وهو بكسر الحاء المهملة (وعجلة) بفتحات أي : سرعة (ولكن ما تقول فيمن قال : هؤلاء أبون ومررت بأبين) بضم الباء في الأول وكسرها في الثاني (كيف تقول على مثال ذلك ، من وأيت) بمعنى وعدت (أو أويت) بمعنى انضممت (فأجابه فقال : أعد النظر فقال : لست أكلمكما حتى يحضر صاحبكما فحضر الكسائي فقال له) أي : لسيبويه (تسألني أو أسألك فقال له سيبويه : سل أنت فسأله عن هذا المثال) قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي (فقال سيبويه : فإذا هو هي ، ولا يجوز النصب وسأله عن أمثال ذلك ، نحو خرجت فإذا عبد الله القائم) بالرفع (أو القائم) بالنصب (فقال) سيبويه : (كل ذلك بالرفع فقال الكسائي : العرب ترفع كل ذلك وتنصبه) وهذا خلاف ما حكاه الرضي من أن الكسائي قال : لا يجوز إلا إياها ، وكذلك حكاه الأندلسي في شرح «المفصل» وأنا أظن أن الصواب ما حكاه المصنف فإن الكسائي لو أنكر الرفع لكان سيبويه بسبيل من أن يخطئه في الحال بما ورد في القرآن ، ولم ينقل ذلك فدل على أن الكسائي أجاز الرفع والنصب معا (فقال يحيى) بن خالد البرمكي : (قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما) فسيبويه رئيس البصرة ، والكسائي رئيس الكوفة (فمن يحكم بينكما ، فقال له الكسائي : هذه العرب ببابك قد سمع منهم أهل البلدين) يعني البصرة والكوفة (فيحضرون ويسألون ، فقال يحيى وجعفر) البرمكيان (أنصفت فأحضروا فوافقوا الكسائي