قال : أكيس الكيسين ، من حاسب نفسه ، وعمل لما بعد الموت. وان أحمق الحمقى ، من اتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله تعالى الأماني.
فقال الرجل : يا أمير المؤمنين! فكيف يحاسب الرجل نفسه؟
قال : إذا أصبح ثم أمسى ، رجع الى نفسه ، فقال : يا نفس! ان هذا يوم مضى عليك ، لا يعود اليك ، أبدا. والله تعالى يسألك عنه (١) ، بما أفنيته وما الذي عملت فيه. أذكرت الله؟ أحمدته (٢)؟ أقضيت «حق أخ» (٣) مؤمن؟ أنفّست عنه كربته؟ أحفظته بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظته بعد الموت في مخلفيه؟
أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أأعنت مسلما؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه. فان ذكر أنه جرى منه خير ، حمد الله تعالى وشكره (٤) ، على توفيقه.
وان ذكر معصية أو تقصيرا ، استغفر الله تعالى. وعزم على ترك معاودته. ومحى ذلك عن نفسه ، بتجديد الصلاة على محمد وآله الطيبين ، وعرض بيعة أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ على نفسه وقبولها (٥) لها ، واعادة لعن أعدائه وشانئيه ودافعيه عن حقوقه. فإذا فعل ذلك ، قال الله ـ تعالى عز وجل ـ : لست أناقشك في شيء من الذنوب ، مع موالاتك أوليائي ومعاداتك أعدائي.
وفي تفسير العياشي (٦) : عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ أنه كان يقرأ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، عن فرقد.
قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ يقرأ ما لا أحصى (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
__________________
(١) أ : منه.
(٢) المصدر : حمدته.
(٣) المصدر وأ : حوائج ، وهو الظاهر.
(٤) المصدر : كبره.
(٥) المصدر : قيوله.
(٦) تفسير العياشي ١ / ٢٢. وهي ليس في أ.