لا يتألمون بها في الدنيا ، لكثافتهم «وغلظ حجابهم» (١). والذين صاروا في الدنيا ، أهل الاخرة ، يرونهم داخلين في النار وما فيها ، من أنواع العذاب.
قال بعض الصوفية : وإذ قد علمت ما بين لك من المعاني الظاهرة ، فألق سمعك ، تسمع بطنا من بطونها :
فنقول : ان الذين كفروا ، خرجوا (٢) من الايمان الرسمي المنوط بغيبتهم ، عن المؤمن به ، ودخلوا في الكفر الحقيقي ، بستر وجوداتهم ، في الفناء في الله ، ان أنذرتهم بسوء عاقبة ارتدادهم من هذا الكفر ، الى ذلك الايمان ، أم لم تنذرهم ، فهما سيان عليهم (٣). لأنهم لا يؤمنون ، أي : لا يرجعون الى الايمان الرسمي ، أبدا. لأن الفاني ، لا يرد. وكأنه الى هذا الايمان والكفر ، أشار من قال :
«كفرت بدين الله والكفر واجب» (٤) لدي ، وعند المسلمين ، قبيح. (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) ، فلا يدخل فيها شيء مما سوى الله. وان دخل فيها شيء ، فهو صورة من صور تجلّياته ، انخلعت من لباس الغيرية. وختم «على أسماعهم» ، فلا يسمعون شيئا ، مما سواه. فانه المتكلم على ألسنة الموجودات. فكلما يسمعونه بلسان الحال أو المقال ، فهو من صور كلامه ، لا غير. و (عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) مانعة من رؤية غيره سبحانه.
فكلما يرونه ليس الا من صور تجلّياته ، تجلّى به على نظر شهودهم. (وَلَهُمْ عَذابٌ) ، أي : أمر يعده (٥) المحجوبون ، عذابا. وهو استهلاكهم في الوجود الحق.
وإمساكهم عن اللذات العاجلة والراحات الاجلة. «عظيم» ، أي : جليل قدره. لا
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) أور : أى خرجوا.
(٣) أ : لهم عليهم.
(٤) ليس في أ.
(٥) أ : بعده.