لم يكن ما بعدها جزءا ممّا قبلها لم يجز فيه إلّا الخفض خاصة ، نحو قولك : «سرت حتّى الليل». ولا يتوجه السير على «الليل» كما ذكرنا في باب حروف الخفض ، فإن كان ما بعدها جزءا مما قبلها فلا يخلو أن تقترن به قرينة تدلّ على أنّه غير داخل فيما قبلها أو لا تقترن. فإن اقترنت به قرينة تدلّ على أنّ ما بعدها غير داخل فيما قبلها لم يجز في الاسم إلّا الخفض نحو : قولك : «صمت الأيّام حتى يوم الفطر» ، على معنى : إلى يوم الفطر ولا يجوز النصب على العطف فتقول : «حتى يوم الفطر» ، لأنّها في العطف بمنزلة الواو تشرك ما بعدها فيما قبلها في المعنى ، فكان يلزم من ذلك أن يكون «يوم الفطر» مصوما ، ومعلوم أنّ يوم الفطر ليس مما يصام.
وإن لم تقترن به قرينة تدل على ذلك جاز في الاسم وجهان : الخفض على أن تجعل «حتى» بمنزلة «إلى» ، والعطف فيكون الاسم على حسب إعراب الأول ، وذلك نحو قولك : «صمت الأيّام حتى يوم الخميس» ، فالخفض على أن تكون «حتى» بمنزلة «إلى» والنصب على العطف ، ويكون يوم الخميس مصوما في الوجهين.
فإذا أتيت بعد ذلك الاسم بفعل يمكن أن يقع خبرا له جاز في الاسم أربعة أوجه : أحدها : الرفع بالابتداء ، والآخر : الحمل على إضمار فعل ، فتكون المسألة من باب الاشتغال ، والآخر : العطف على ما تقدّم ، والآخر : أن يكون مخفوضا بـ «حتى» ، وذلك نحو قولك : «قام القوم حتى زيد قام» ، بالرفع والخفض. فالخفض على أن تكون «حتى» خافضة للاسم الذي بعدها وتكون الجملة تأكيدا لا موضع لها من الإعراب ، والرفع على ثلاثة أوجه :
أحدها : الرفع على الابتداء والجملة في موضع الخبر كأنّك قلت : «حتى زيد قائم».
والثاني : أن يكون الاسم مرفوعا بإضمار فعل فتكون المسألة من الاشتغال كأنّك قلت : «حتى قام زيد قام».
والثالث : أن يكون زيد معطوفا على ما قبل وتكون الجملة الواقعة بعده تأكيدا لا موضع لها من الإعراب. وذلك : «ضربت القوم حتى زيدا ضربته» ، يجوز في «زيد» ثلاثة أوجه : الرفع والنصب والخفض ، فالخفض على أن تكون خافضة وتكون الجملة الواقعة بعد «زيد» تأكيدا لا موضع لها من الإعراب.