فإن كان أحدهما
معرفة والآخر نكرة ، جعلت الاسم المعرفة والنكرة الخبر ، نحو : «كان زيد قائما» ،
ولا يجوز عكس ذلك إلّا في الشعر.
ولا يخلو حينئذ
أن يكون للنكرة مسوّغ للإخبار عنها أو لا يكون ، فإن لم يكن لها مسوّغ فالمسألة
مقلوبة ، نحو : «كان قائم زيدا» ، فـ «زيد» وإن كان منصوبا هو المخبر عنه و «قائم»
وإن كان مرفوعا هو الخبر. فإن كان للنكرة مسوّغ للإخبار عنها ، فإنك إن بنيت
المعنى على الإخبار عن المعرفة بالنكرة كان مقلوبا ، وإن بنيت على الإخبار
بالمعرفة عن النكرة كان غير مقلوب ، وذلك نحو : «أكان قائم زيدا» ، إن قدّرت أنّ «أكان زيد
قائما» ، كان مقلوبا ، وإن قدّرت «أكان قائم من القائمين يسمّى زيدا» ، كان غير مقلوب.
والقلب للضرورة جائز باتفاق ، وإنّما الخلاف في جوازه في الكلام ، وسنبيّن صحّة
ذلك في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ومما جاء من
القلب في هذا الباب قوله [من الكامل] :
كانت فريضة
ما تقول كما
|
|
كان الزناء
فريضة الرجم
|
أي : كما كان
الرجم فريضة الزنا.
وينبغي أن تعلم
أنّ ضمير النكرة يعامل في باب الإخبار معاملة النكرة ، وذلك أنّ تعريفه إنّما هو
لفظي ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «لقيت رجلا فضربته» ، علم أنّك تعني بالضمير الرجل
المتقدّم المذكور ، وأنّ الملقيّ هو المضروب. وأما أن تعلم من هو في نفسه فلا ،
فلمّا علم من تعني به كان معرفة من هذا الطريق.
وأيضا فإنّه
ينوب مناب تكرار الظاهر ، والظاهر إذا كرّر كان بالألف واللام ، فلمّا ناب مناب
معرفة بالألف واللام كان هو معرفة ، فإذا ثبت أنّ تعريفه لفظيّ والإخبار عن النكرة
كما تقدّم في باب الابتداء إنّما امتنع من طريق معناها لا من طريق لفظها ، جرى
ضمير النكرة مجرى النكرة. فإن جاء شيء من الإخبار بالمعرفة عن ضمير النكرة فبابه
الشعر ، ومن ذلك قوله [من الطويل] :
٢٥٨ ـ أسكران
كان ابن المراغة إذ هجا
|
|
تميما بجوف
الشام أم متساكر
|
______________________