ترى أنّ المعنى : فقدني غيري ، وعدمني غيري ، وظنّني غيري ، ولا يتصوّر أن يكون هو الفاقد لنفسه لأنّه من حيث أن يكون مفقودا يلزمه أن يكون معدوما ، ومن حيث أنه يكون فاقدا يلزمه أن يكون موجودا ، وليس كذلك : «ضربتني» ، لأن الضارب هو المضروب لفظا ومعنى ، فلذلك تعذّر «ضربتني» وأشباهه.
وامتنع تعدّي فعل المضمر إلى الظاهر في جميع الأبواب لما يؤدّي إليه في لزوم المفعول ، فيعود عليه الضمير ، فيخرج بذلك عن بابه لأنّه فضلة ، والفضلات لا تلزم ، فعلى هذا كلّ مسألة تؤدّي في الاشتغال إلى تعدّي فعل المضمر المتّصل إلى مضمره المتصل أو فعل الظاهر إلى مضمره المتّصل لا تجوز إلّا في باب الظن والفقد والعدم. وكلّ مسألة تؤدّي إلى تعدّي فعل المضمر المتّصل إلى ظاهره لا تجوز في باب من الأبواب ، نحو : «زيدا ضربه».
فجملة الأمر أن تقول : الفعل الذي اشتغل عن الاسم لا يخلو أن يكون من الأبواب المستثنيات أو من غيرها ، فإن كان من غيرها ، فلا يخلو الاسم الذي اشتغل عنه الفعل من أن يكون له ضمير واحد ، أو سببيّ واحد ، أو ضميران ، أو سببيّان ، أو ضمير وسببيّ.
فإن كان له ضمير واحد حملته عليه ، نحو : «زيدا ضربت أخاه» ، فإن كان له سببيان ، حملته على أيّهما شئت ، نحو : «أزيدا ضرب أخوه أباه» ، و «أزيد ضرب أخوه أباه»؟ وإن كان له ضمير وسببيّ ، فلا يخلو أن يكون الضمير متّصلا أو منفصلا ، فإن كان منفصلا حملت على أيّهما شئت ، نحو : «أزيدا إيّاه ضرب إيّاه أخوه»؟ و «أزيد إيّاه ضرب أخوه» ، لأنّ الضمير المنفصل يجري مجرى السببيّ في جميع هذه المسائل.
وإن كان الضمير متّصلا حملت عليه ولا يجوز حمله على السببيّ ، فمثال ذلك ـ والضمير منصوب ـ أزيدا ضربه أخوه؟ ، ومثاله ـ والضمير مرفوع ـ أزيد ضرب أخاه؟ وأما قول لبيد [من الطويل] :
٢٤١ ـ فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب |
|
لعلّك تهديك القرون الأوائل |
______________________
٢٤١ ـ التخريج : البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٢٥٥ ؛ وخزانة الأدب ٣ / ٣٤ ؛ والدرر ١ / ٢٠٠ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٠٥ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ١٥١ ؛ والمعاني الكبير ص ١٢١١ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٨ ، ٢٩١ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١١٤ ؛ وبلا نسبة في شرح التصريح ١ / ١٠٥ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٦٣. ـ