فإن اختلفت فالقطع ليس إلا ، نحو : «قام زيد ورجل الكريمان» ، على أنه خبر ابتداء مضمر ، والكريمين على النصب بإضمار فعل ولا يجوز الإتباع لأنّ المعرفة تطلب نعتا معرّفا والنكرة تطلب نعتها منكرا ، وذلك لا يمكن في اسم واحد في حال واحدة.
فإن اتفق الإعراب أو التعريف أو التنكير ، فلا يخلو أن يكون بعض المنعوتين مستفهما عنه وبعضهم غير مستفهم عنه ، أو يتفقوا في الاستفهام أو في غيره. فإن كان البعض مستفهما عنه وبعضهم غير مستفهم عنه لم يجز إلا القطع ، نحو قولك : «من أخوك وهذا محمد العاقلان» ، على أنه خبر ابتداء مضمر ، و «العاقلين» على النصب بإضمار فعل : «أعني» ولا يجوز أن يكون «العاقلان» نعتا لمحمد وأخوك ، لما نذكر بعد إن شاء الله تعالى.
فإن اتفق المنعوتون في الإعراب أو التعريف أو التنكير أو الاستفهام أو غيره ، فلا يخلو العامل أن يكون واحدا أو أزيد ، فإن كان واحدا فالإتباع والقطع في أماكن القطع ، نحو : «أعلمت زيدا بكرا أخاك العقلاء» ، ونحو قولك : «قام زيد وعمرو وجعفر العقلاء» ، لأن «قام» هو العامل في «زيد» بنفسه وفي «عمرو» و «جعفر» بواسطة حرف العطف ، فإن كان العامل أزيد من واحد فلا يخلو جنس العامل من أن يتفق أو يختلف ، واختلاف العوامل في الجنس أن يكون أحدها من جنس الأسماء والآخر من جنس الأفعال أو الحروف. والحروف المختلفة المعاني أيضا بمنزلة العوامل المختلفة الجنس. فإن اختلفت العوامل في الجنس فالقطع ليس إلا خلافا للجرمي ، فإنه يجيز الإتباع والقطع في أماكن القطع ، وذلك نحو قولك : «قام زيد وهذا محمد العاقلان» ، على أنه خبر ابتداء مضمر ، و «العاقلين» على النصب بإضمار فعل ، لأنّ العامل في زيد «قام».
وكذلك لو قلت : «مررت بزيد ودخلت إلى أخيك العاقلين» لم يجز إلّا القطع كما تقدّم لمخالفة معنى الباء لمعنى «إلى».
فإن اتفقت العوامل في الجنس فلا تخلو أن تتفق في اللفظ والمعنى ، نحو : «قام زيد وقام عمرو» ، أو في اللفظ لا في المعنى ، نحو : «وجد الضالة زيد ووجد زيد على عمرو» ، أي : غضب عليه. أو يتفقا في المعنى لا في اللفظ ، نحو : «ذهب زيد وانطلق بكر» ، أو تختلف في اللفظ والمعنى نحو : «أقبل زيد وأدبر عمرو». فإن اختلفت في اللفظ والمعنى ، أو في المعنى دون اللفظ ، فمذهب سيبويه ومن أخذ بمذهبه القطع والإتباع في أماكن القطع ، ومذهب المبرد وأبي بكر السراج القطع ليس إلّا لما يذكر بعد ، إن شاء الله تعالى.