فاعلها وليس للضمير ما يعود عليه إلّا «ما» ، وإذا كانت كذلك تبيّن أنّها ليست بمصدرية ، لأنّ المصدرية حرف ، والضمير إنما يعود على الاسم. فالجواب : إنّ الضمير يعود على اسم الله تعالى وإن لم يتقدم ذكره ، لأنه قد علم أنّ طاحي الأرض وباني السماء ومسوّي النفس إنما هو الله ، فيكون من قبيل الضمير الذي يفسره ما يفهم من سياق الكلام. وكذلك أيضا «ما» من قوله تعالى : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (١) ، أي عبادتي.
وأما قولهم : «سبحان ما سبّح الرعد بحمده وسبحان ما سخّركنّ لنا» ، فإنها ظرفية ، مصدرية وهي التي تقدر بالظرف والمصدر ، والتقدير : سبحان الله مدّة تسبيح الرعد بحمده ومدّة تسخيركنّ لنا ، ثم حذف المضاف إليه وهو اسم الله تعالى ، وبقي «سبحان» غير مصروف ، لأنه جعل علما ، مثل قوله [من السريع] :
٧٦ ـ أقول لمّا جاءني فخره |
|
سبحان من علقمة الفاخر |
______________________
(١) سورة الكافرين : ٣.
٧٦ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ١٩٣ ؛ وأساس البلاغة ص ٢٠٠ (سبح) ؛ والأشباه والنظائر ٢ / ١٠٩ ؛ وجمهرة اللغة ص ٢٧٨ ؛ وخزانة الأدب ١ / ١٨٥ ، ٧ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨ ؛ والخصائص ٢ / ٤٣٥ ؛ والدرر ٣ / ٧٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٥٧ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٠٥ ؛ وشرح المفصل ١ / ٣٧ ، ١٢٠ ؛ والكتاب ١ / ٣٢٤ ؛ ولسان العرب ٢ / ٤٧١ (سبح) ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٣ / ٣٨٨ ، ٦ / ٢٨٦ ؛ والخصائص ٢ / ١٩٧ ، ٣ / ٢٣ ؛ والدرر ٥ / ٤٢ ؛ ومجالس ثعلب ١ / ٢٦١ ؛ والمقتضب ٣ / ٢١٨ ؛ والمقرب ١ / ١٤٩ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٩٠ ، ٢ / ٥٢.
اللغة : علقمة : هو علقمة بن علاثة. الفاخر : المفتخر ، المتباهي.
المعنى : عند ما بلغني أنّه يفخر ويتباهى بما ليس فيه قلت : سبحان الله ممّا يفعل ، أو أتبرّأ من علقمة وفخره.
الإعراب : أقول : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). لما : ظرف زمان في محلّ نصب مفعول فيه متعلق بالفعل (أقول). جاءني : فعل ماض مبني على الفتح ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. فخره : فاعل مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. سبحان : مفعول مطلق لفعل محذوف مبني على الفتح في محلّ نصب. من علقمة : جار ومجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف ، متعلّقان بـ (سبحان) أو بفعلها المحذوف. الفاخر : صفة (علقمة) مجرورة بالكسرة.
وجملة «أقول» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «جاءني» : في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «سبحان ...» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول)
والشاهد فيه قوله : «سبحان من علقمة» حيث استخدم كلمة «سبحان» علما ومن دون إضافة إلى اسم الجلالة ، بمعنى (أتبرّأ براءة).