وبعض النّاس يروي أنّ أبا عبادة أنشد يوسف بن محمد بن يوسف الثغري قوله (١):
لك الويل من ليل تطاول آخره |
|
ووشك نوى حتى تزمّ أبا عره |
فقال له يوسف : الويل لك والحرب ، والرواية المشهورة : له الويل ؛ وهي أقرب وأصلح.
ومن القوافي التي جاءت حشوا لأجل حروف الرّويّ من غير معنى يختص به قول أبي عدي القرشيّ :
ورقيت الحتوف من وارث وال |
|
وأبقاك صالحا رب هود |
فليس في تسمية الباري تبارك وتعالى ـ رب هود ـ معنى ، ولا وجه لذلك إلا أن القصيدة دالية ، وإلا فهو تعالى رب نوح وهود وكل أحد ، وهذا كثير في الأشعار الضعيفة.
ومن تناسب القوافي تجنب الإقواء فيها ، وهو اختلاف إعرابها ، فيكون بعضها مثلا مرفوعا وبعضها مجرورا ، وهذا يوجد في أشعار العرب ، وقد روي أن النابغة كان يقوي حتى دخل المدينة وسمع أهلها يغنّون بقوله في قصيدته التي أولها :
أمن آل ميّة رائح أو مغتدي |
|
عجلان ذا زاد وغير مزوّد |
زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا |
|
وبذاك خبرنا الغراب الأسود (٢) |
ففطن للإقواء فتركه.
والإيطاء في القوافي عيب ؛ وهو أن تتفق القافيتان في قصيدة واحدة ، وأمثال ذلك كثيرة ، فأما أن يكون معنى القافيتين مختلفا ولفظها واحدا فذلك ليس بعيب ، مثل أن تأتي العين ويراد بها الجارحة ، والعين ويراد بها الذهب ، وإذا بعد بين القافيتين المتكررتين في القصيدة كان أصلح ، وإن كان الإيطاء عيبا على كل حال.
__________________
(١) «ديوان البحتري» (١ / ٢٣٧).
(٢) البوارح : الطيور التي تجيء عن اليمين فتوليك مياسرها ، وكانوا يتشاءمون منها. «ديوان النابغة» ص ٣٨.