فأمّا ما أجازه من قوله : «ووّيت» فمردود عندنا ؛ لأنه إذا لم تجتمع واوان في أول الكلمة فالثلاث أحرى بأن لا يجوز اجتماعها فأما قوله عز اسمه : ما ووري عنهما (الأعراف : ٢٠) فإنما اجتمعت في أوله واوان من قبل أن الثانية منهما مدة مبدلة من ألف «واريت» وليست بلازمة ، فلأجل ذلك لم تعتدّ.
وأما قوله : «وبعضهم يجعل الواو الأولى همزة» فهذا هو الصواب الذي لا بد منه ، ولا مذهب لنظّار عنه. وأمّا ما حكاه من قولهم في «ما» و «لا» : موّيت ، ولوّيت ، فإن القول عندي في ذلك أنهم لمّا أرادوا اشتقاق «فعّلت» من «ما» و «لا» لم يمكن ذلك فيهما وهما على حرفين ، فزادوا على الألف ألفا أخرى ، ثم همزوا الثانية كما تقدم ، فصارت «ماء» و «لاء» ، فجرت بعد ذلك مجرى «باء» و «حاء» بعد المد.
وعلى هذا قالوا في النسب إلى «ما» لما احتاجوا إلى تكميلها اسما محتملا للإعراب : قد عرفت مائيّة الشيء ، فالهمزة الآن إنما هي بدل من ألف ألحقت ألف «ما» وقضوا بأن ألف «ماء» و «لاء» مبدلة من واو كما قدّمناه من قول أبي علي ، وأن اللام منهما ياء حملا على «طويت» و «رويت» ، ثم لمّا بنوا منهما «فعّلت» قالوا : موّيت ماء حسنة ، ولوّيت لاء حسنة.
وقوله : «لمكان الفتحة فيهما» أي : لأنك لا تميل «ما» و «لا» فتقول «ما» و «لا» ، أي فذهب إلى أن الألف فيهما من واو.
وهذا هو الذي حكيناه عنهم من أن اعتقادهم أن ألف «باء» و «حاء» وأخواتهما منقلبة عن ياء لأجل ما فيهما من الإمالة ، حتى إنهم لمّا لم يروا في «ما» و «لا» إمالة حكموا بأن ألفهما منقلبة من واو.
وقد ذكرنا وجه الإمالة من أين أتى هذه الألفات ، ودللنا على صحة مذهب أبي علي فيما مضى من هذا الفصل.
ولو جمعت هذه الأسماء على «أفعال» لقلت في دال ، وذال : أدوال ، وأذوال ، وفي صاد ، وضاد : أصواد ، وأضواد ، وفي قاف ، وكاف : أقواف ، وأكواف ، وفي لام : ألوام ، وفي واو فيمن جعل ألفها منقلبة عن واو : أوّاء ،