وقال الآخر :
واحمرّ للشّرّ ولم يصفرّا (١)
يريد : يصفرّن ، كذا تأوّله بعضهم ، ومثله كثير.
الثالث : إبدال الألف من نون «إذن» ، وذلك أيضا في الوقف ، تقول : أنا أزورك إذا ، تريد : إذن ، وإذا وقفت على قوله عز وجل : (فإذن لا يؤتون الناس نقيرا) (النساء : ٥٣) (٢) قلت : (فَإِذاً) وإنما أبدلت الألف من نون «إذن» هذه ، ونون التوكيد التي تقدم ذكرها آنفا لأن حالهما في ذلك حال النون التي هي علم الصرف ، وإن كانت نون «إذن» أصلا وتانك النونان زائدتين.
فإن قلت : فإذا كانت النون في «إذن» أصلا وقد أبدلت منها الألف ، فهل تجيز في نحو «حسن» و «رسن» و «علن» ونحو ذلك مما نونه أصل أن تقلب نونه ، فيقال فيه : «حسا» و «رسا» و «علا» ، وفي «فدن» : «فدا» وفي «زمن» : «زما»؟
فالجواب : أن ذلك لا يجوز في غير «إذن» مما نونه أصل ، وإن كان ذلك قد جاء في «إذن» من قبل أن «إذن» حرف ، فالنون فيها بعض حرف كما أن التنوين ونون التوكيد كل واحد منهما حرف ، فجاز ذلك في نون «إذن» لمضارعة «إذن» كلها نون التوكيد ونون الصرف ، وأما النون من «حسن» و «رسن» ونحوهما فهي أصل من اسم متمكن يجري عليه الإعراب في قولك «حسن» و «حسنا» و «حسن» فالنون في ذلك كالدال من «زيد» والراء من «بكر» ، ونون «إذن» ساكنة كما أن نون التوكيد ونون الصرف ساكنتان ، فهي بهما ـ لهذا ولما قدمناه من أن كل واحدة منهما حرف ، كما أن النون في «إذن» بعض حرف ـ أشبه منها بنون الاسم المتمكن.
__________________
والشاهد فيه : «لم يعلما» حيث أكد الفعل المضارع المنفي بلم وأصله «ما لم يعلمن» وقلبت النون ألفا للوقف عليها ، وهذا التوكيد لا يجوز عند سيبويه إلا للضرورة. انظر / شرح ابن عقيل (٢ / ٣١٠ ـ ٣١١).
(١) الشاهد فيه (يصفرا) حيث قلب نون التوكيد الخفيفة ألفا للوقف عليها.
(٢) الشاهد فيه (فإذن) حيث يجوز إبدال نون «إذن» ألفا عند الوقف عليها.