والزّلل والشّلل والطّلل ، والعلل (١) والغلل (٢) والملل واليلل (٣).
ولهذا ونحوه ما كانت الهاء التي في آخر هناه ، من قول امرئ القيس (٤) :
وقد رابني قولها يا هنا |
|
ه ويحك ألحقت شرّا بشرّ (٥) |
بدلا من الواو في هنوات وهنوك ، لأن الهاء إذا قلّت في باب سددت وقصصت ، فهي في باب سلس وقلق أجدر بالقلة (٦) ، فانضاف هذا إلى قولهم من معناه هنوك وهنوات ، فقضينا بأنها بدل من واو.
واستقصاء أحكام حسن تركب هذه الحروف وقبحه مما يطول الكتاب بذكره ، على أنا سنفرد لذلك في آخر الكتاب فصلا يشتمل على جمل القول عليها بإذن الله (٧).
__________________
(١) العلل : الشرب الثاني بعد الشرب الأول. اللسان (٤ / ٣٠٧٨). مادة (علّ).
(٢) الغلل : شدة العطش. اللسان (٥ / ٣٢٨٥). مادة (غلّ).
(٣) اليلل : قصر الأسنان والتزاقها. اللسان (٦ / ٤٩٦٥). مادة (يلل).
(٤) امرؤ القيس : هو الملك أبو الحارث حندج بن حجر الكندي شاعر اليمانية وآباؤه من أشراف كندة وملوكها ، وكانت بنو أسد المضرية خاضعة لملوك كندة وآخر ملك عليهم هو حجر أبو امرئ القيس ، وأمه مهلل وكليب ـ نشأ امرؤ القيس بأرض نجد بين رعية أبيه من أسد وسلك مسلك المترفين من أولاد الملوك يلهو ويلعب ويعاقر الخمر ويغازل الحسان فمقته أبوه وطرده ثم ثارت بنو أسد على أبيه فقتلوه فجمع امرؤ القيس القبائل على بني أسد وقتل منهم عددا كبيرا ، واشتدت به الجروح من حروبه فمات بأنقرة قبل الإسلام بقرابة قرن من الزمان. الأغاني (٩ / ٧٧).
(٥) يا هناه : يا فلان. لسان العرب (٦ / ٤٧١٣). شرح البيت : يا فلان رحمة لك لقد كنا متهمين فحققت الأمر. والشاهد في قوله «يا هناه» فالهاء هي بدل من الواو في هنوك وهنوات ، وهو رأي ابن جني في هذا الموضع.
(٦) إنما كان التكرار لحرف الحلق (الهاء) في باب سلس وقلق أجدر بالقلة ، منه في باب سددت وقصصت ، لأن المثلين في باب سلس لا سبيل إلى إدغامهما لما بينهما من فاصل ، فهما محققان دائما ، بخلاف باب سددت ، فإنهما قد يدغمان في مثل قصّ وسدّ ، فيخفان ، بكونهما في صورة حرف واحد.
(٧) يشير المؤلف إلى فصل عقده في آخر الكتاب عنوانه «هذا فصل نذكر فيه مذهب العرب في مزج الحروف بعضها ببعض ، وما يجوز من ذلك وما يمتنع ، وما يحسن منه وما يقبح».