قائمة الکتاب
باب فى تدافع الظاهر
٢٨
إعدادات
الخصائص [ ج ٢ ]
الخصائص [ ج ٢ ]
تحمیل
ومن ذلك أن تبنى مما عينه واو مثل فعّل فتصحّ العين للادغام ؛ نحو قوّل وقوّم ، فتصحّ العين للتشديد ؛ كما تصحّ للتحريك فى نحو قولهم : عوض وحول وطول.
فلمّا كان فى ادّغامهم الحرف فى الحرف ما أريناه من استخفافهم إياه صار تقريبهم الحرف (من الحرف) ضربا من التطاول إلى الادغام. وإن لم يصلوا إلى ذلك فقد حاولوه واشرأبّوا نحوه ؛ إلا أنهم مع هذا لا يبلغون بالحرف المقرّب من الآخر أن يصيّروه إلى أن يكون من مخرجه ؛ لئلا يحصلوا من ذلك بين أمرين كلاهما مكروه.
أمّا أحدهما فأن يدغموا مع بعد الأصلين ؛ وهذا بعيد.
وأمّا الآخر فأن يقرّبوه منه حتّى يجعلوه من مخرجه ثم لا يدغموه ؛ وهذا كأنّه انتكاث وتراجع ؛ لأنه إذا بلغ من قربه إلى أن يصير من مخرجه وجب إدغامه ؛ فإن لم يدغموه حرموه المطلب المروم فيه ؛ ألا ترى أنك إذا قرّبت السين فى سويق من القاف بأن تقلبها صادا فإنك لم تخرج السين من مخرجها ، ولا بلغت بها مخرج القاف فيلزم ادّغامها فيها. فأنت إذا قد رمت تقريب الإدغام المستخفّ ، لكنك لم تبلغ الغاية التى توجبه عليك ، وتنوط أسبابه بك.
وكذلك إذا قلت فى اصتبر : اصطبر ، فأنت قد قرّبت التاء من الصاد بأن قلبتها إلى أختها فى الإطباق والاستعلاء ، والطاء مع ذلك من جملة مخرج التاء.
وكذلك إذا قلت فى مصدر : مزدر ، فأخلصت الصاد زايا. قد قرّبتها من الدال بما فى الزاى من الجهر ، ولم تختلجها عن مخرج الصاد. وهذه أيضا صورتك إذا أشممتها رائحة الزاى فقلت : مصدر ، هذا المعنى قصدت ، إلا أنك لم تبلغ بالحرف غاية القلب الذى فعلته مع إخلاصها زايا.
فإن كان الحرفان جميعا من مخرج واحد ، فسلكت هذه الطريق فليس إلا أن تقلب أحدهما إلى لفظ الآخر البتّة ، ثم تدغم لا غير. وذلك نحو اطّعن القوم ؛ أبدلت تاء اطتعن طاء البتة ثم ادّغمتها فيها لا غير. وذلك أن الحروف إذا كانت من (مخرج واحد ضاقت مساحتها أن تدنى بالتقريب منها ؛ لأنها إذا كانت معها من) مخرجها فهى الغاية فى قربها ؛ فإن زدت على ذلك شيئا فإنما هو أن تخلص الحرف