قيات أو قوات لم تخل من أحد أمرين ، كل واحد منهما غير جائز : أحدهما أن تثبت حكم الياء والواو حرفين ساكنين فتجيء الألف بعد الساكن ، وهذا ممتنع غير جائز. والآخر أن تسقط حكمهما لسكونهما وضعفهما ، فتكون الألف كأنها تالية للكسرة والضمة ، وهذا خطأ بل محال.
فإن قلت : فهلا جاز على هذا أن تجمع بين الألفين وتكون الثانية كأنها إنما هى تابعة للفتحة (قبل الأولى ؛ لأن الفتحة) ممّا تأتى قبل الألف لا محالة ، وأنت الآن آنفا تحكى عن أبى إسحاق أنه قال : لو مددتها إلى العصر لما كانت إلا ألفا واحدة؟
قيل : وجه امتناع ذلك أنك لو تكلّفت ما هذه حاله للزمك للجمع بين الساكنين اللذين هما الألفان اللتان نحن فى حديثهما أن تمطل الصوت بالأولى تطاولا به إلى اللفظ بالثانية ، ولو تجشّمت ذلك لتناهيت فى مدّ الأولى ، فإذا صارت إلى ذلك تمّت ووفت فوقفت بك بين أمرين ، كلاهما ناقض عليك ما أعلقت به يديك :
أحدهما : أنها لمّا طالت وتمادت ذهب ضعفها وفقد خفاؤها فلحقت لذلك بالحروف الصحاح ، وبعدت عن شبه الفتحة الصغيرة القصيرة الذى رمته.
والآخر : أنها تزيد صوتا على ما كانت عليه ، وقد كانت قبل أن تشبع مطلها أكثر من الفتحة قبلها ؛ أفتشبّها بها من بعد أن صارت للمدّ أضعافها. هذا جور فى القسمة ، وإفحاش فى الصنعة ، واعتداء على محتمل الطبيعة (والمنّة) (١). ولذلك لم يأت عنهم شيء من مقول ومبيع على الجمع بين ساكنيهما وهما مقوول ومبيوع ؛ لأنك إنما تعتقد أن الساكن الأوّل منهما كالحركة ما لم تتناه فى مطله وإطالته (وأمّا) والجمع بينهما ساكنين حشوا يقتادك إلى تمكين الحرف الأوّل وتوقيته حقه ليؤديك إلى الثانى والنطق به فلا يجوز حينئذ وقد أشبعت الحرف وتماديت فيه أن تشبهه بالحركة ؛ لأن فى ذلك إضعافا له بعد أن حكمت بطوله وقوّته ؛ ألا ترى أنك (إنما) شبّهت باب عصىّ بباب أدل وأحق لما خفيت (واو فعول) بادغامها ، فحينئذ جاز أن تشبهها بضمة أفعل. فأمّا وهى على غاية جملة البيان والتمام فلا. وإذا لم يجز هذا التكلف فى الواو والياء وهما أحمل له ، كان مثله فى الألف للطفها وقلة احتمالها ما تحتمله الياء والواو أحرى وأحجى.
__________________
(١) المنة : القوّة.