الإنسان إذا فكّر فى عظم هذه المخلوقات تضاءل وتخشّع ، وهبطت نفسه ؛ لعظم ما شاهد. فنسب الفعل إلى تلك الحجارة ، لمّا كان السقوط والخشوع مسبّبا عنها ، وحادثا لأجل النظر إليها ؛ كقول الله سبحانه (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] وأنشدوا بيت الآخر :
فاذكرى موقفى إذا التقت الخي |
|
ل وسارت إلى الرجال الرجالا (١) |
أى وسارت الخيل الرجال إلى الرجال.
وقد يجوز أن يكون أراد : وسارت إلى الرّجال بالرّجال ، فحذف حرف الجرّ ، فنصب. والأوّل أقوى. وقال خالد بن زهير :
فلا تغضبن من سيرة أنت سرتها |
|
فأوّل راض سيرة من يسيرها (٢) |
ورجنت الدابّة بالمكان إذا أقامت فيه ، ورجنتها ، وعاب الشىء وعبته ، وهجمت على القوم ، وهجمت غيرى عليهم أيضا ، وعفا الشىء : كثر ، وعفوته : كثّرته ، وفغر فاه ، وفغر فوه ، وشحا فاه ، وشحا فوه ، وعثمت يده ، وعثمتها أى جبرتها على غير استواء ، ومدّ النهر ، ومددته ؛ قال الله عزوجل (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) [لقمان : ٢٧] وقال الشاعر :
*ماء خليج مدّه خليجان (٣) *
وسرحت الماشية ، وسرحتها ، وزاد الشىء ، وزدته ، وذرا الشىء وذروته : طيّرته ، وخسف المكان ، وخسفه الله ، ودلع لسانه ودلعته ، وهاج القوم ، وهجتهم،
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (سير). ويروى : فاذكرن موضعا بدلا من : فاذكرى موقفى.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لخالد بن زهير فى أشعار الهذليين ص ٢١٣ ، وجمهرة اللغة ص ٧٢٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٨٤ ، ٨ / ٥١٥ ، ٩ / ٥٩ ، ولسان العرب (سير) ، ولخالد بن عتبة الهذلىّ فى لسان العرب (سنن) ، ولزهير فى الأشباه والنظائر ٢ / ٣٩٩ ، وليس فى ديوان زهير بن أبى سلمى ، وبلا نسبة فى مغنى اللبيب ٢ / ٥٢٤. ويروى : سنة بدلا من : سيرة.
(٣) الرجز لأبى النجم فى كتاب العين ٤ / ١٦١ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (خلج) ، وتهذيب اللغة ٧ / ٦٠ ، وتاج العروس (خلج) ، والمخصّص ١٠ / ٣٢ ، ١٥ / ٥٤ ، وأساس البلاغة (مدد).
وقبله :
*إلى فتى فاض أكفّ الفتيان*