كان على فعل أو فعل ، فخفّف أوائل هذه كما يخفّف ثوانى هذه ، فصارت (وهو) كعضد (وصار وهو كعضد) كما صارت (أهى) كعلم ، وصار (أهى) بمنزلة علم. وأمّا قراءة أهل الكوفة (ثم ليقطع) فقبيح عندنا ؛ لأنّ (ثمّ) منفصلة يمكن الوقوف عليها ، فلا تخلط بما بعدها ، فتصير معه كالجزء الواحد. لكن قوله : (فلينظر) حسن جميل ؛ لأن الفاء حرف واحد ، فيلطف عن انفصاله وقيامه برأسه.
وتقول على هذا : مررت برجل بطنه كحضجر (١) ، تريد : كحضجر ، ثم تسكّن الحاء الأولى ؛ لأن (كحض) بوزن علم ، فيجرى هذا الصدر مجرى كلمة ثلاثيّة.
وأمّا أوّل الكلمة إذا لم يخلط بما قبله فمتحرك لا محالة على ما كان عليه قبل اتصاله به. وذلك قولك : أحمد ضرب ، وأخوك دخل ، وغلامك خرج ، فهذا حكم الحرف المبتدأ.
وأمّا المتحرّك غير المبتدأ فعلى ضربين : حشو وطرف. فالحشو كراء ضرب ، وتاء قتل ، وجيم رجل ، وميم جمل ، ولام علم. وأمّا الطرف فنحو ميم إبراهيم ، ودال أحمد ، وباء يضرب ، وقاف يغرق.
فإن قلت : قد قدّمت أن هذا ممّا تلزم حركته ، وأنت تقول فى الوقف : إبراهيم ، وأحمد ، ويضرب ، ويغرق ، فلا تلزم الحركة ، قيل : (اعتراض الوقف لا يحفل به ، ولا يقع العمل عليه) وإنما المعتبر بحال الوصل ؛ ألا تراك تقول فى بعض الوقف : هذا بكر ، ومررت ببكر ، فتنقل حركة الإعراب إلى حشو الكلمة ، ولو لا أن هذا عارض جاء به الوقف لكنت ممن يدّعى أن حركة الإعراب تقع قبل الآخر ؛ وهذا خطأ بإجماع.
ولذلك أيضا كانت الهاء فى (قائمه) بدلا عندنا من التاء فى (قائمة) لمّا كانت إنما تكون هاء فى الوقف دون الوصل.
فإن قلت : ولم جرت الأشياء فى الوصل على حقائقها دون الوقف؟
(قيل : لأن) حال الوصل أعلى رتبة من حال الوقف. وذلك أن الكلام إنما وضع للفائدة ، والفائدة لا تجنى من الكلمة الواحدة ، وإنما تجنى من الجمل
__________________
(١) الحضجر : السقاء الضخم.