ومن ذلك حملهم التثنية ـ وهى أقرب إلى الواحد ـ على الجمع وهو أنأى عنه ؛ ألا تراهم قلبوا همزة التأنيث فيها واوا فقالوا : حمراوان ، وأربعاوان ، كما قلبوها فيه واوا ، فقالوا : حمراوات علما ، وصحراوات ، وأربعاوات. ومن ذلك حملهم الاسم ـ وهو الأصل ـ على الفعل ـ وهو الفرع ـ فى باب ما لا ينصرف (نعم) وتجاوزوا بالاسم رتبة الفعل إلى أن شبّهوه بما وراءه ـ وهو الحرف ـ فبنوه ؛ نحو أمس ، وأين ، وكيف ، وكم ، وإذا. وعلى ذلك ذهب بعضهم فى ترك تصرّف (ليس) إلى أنها ألحقت بـ (ما) فيه ، كما ألحقت (ما) بها فى الفعل فى اللغة الحجازيّة. وكذلك قال أيضا فى (عسى) : (إنها) منعت التصرّف لحملهم إيّاها على لعلّ. فهذا ونحوه يدلّك على قوّة تداخل هذه اللغة وتلامحها ، واتصال أجزائها وتلاحقها ، وتناسب أوضاعها ، وأنها لم تقتعث (١) اقتعاثا ، ولا هيلت هيلا ، وأن واضعها عنى بها وأحسن جوارها ، وأمدّ بالإصابة والأصالة فيها.
* * *
__________________
ـ ٦ / ٢٠٦ ، وخزانة للأدب ١١ / ٣٧٤ ، ٧٥ / ٣ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، والدرر ٦ / ٢٨٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٩٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٣٣ ، والكتاب ١ / ١٦٩ ، ولسان العرب (عتب) ، (عسل) ، والمقتضب ٢ / ٣١٣ ، والمنصف ٢ / ٢٣١ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٦٥٩ ، ورصف المبانى ص ٤٩ ، ٣٥٩ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٣٤ ، وشرح المفصل ٢ / ٦ ، ٩ / ٣٤ ، ٣٥ ، ومجالس ثعلب ص ١٤٩ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٥٥ ، وهمع الهوامع. وصدره يروى :
* فألقيته غير مستعتب*
(١) قعث الشىء يقعث قعثا : حفن له وأعطاه.