أى تتابع إلى الأرضين الممطورة لتشرب منها ؛ فهى تسرع وتستمرّ إليها. وعليه بقية الباب.
وأما مواضع (ش ذ ذ) فى كلامهم فهو التّفرّق والتّفرّد ؛ من ذلك قوله :
* يتركن شذّان الحصى جوافلا (١) *
أى ما تطاير وتهافت منه. وشذّ الشىء يشذّ ويشذّ شذوذا وشذّا ، وأشذذته أنا ، وشذذته أيضا أشذّه (بالضم لا غير) ، وأباها الأصمعىّ وقال : لا أعرف إلّا شاذّا أى متفرّقا. وجمع شاذّ شذّاذ ؛ قال :
* كبعض من مرّ من الشّذّاذ*
هذا أصل هذين الأصلين فى اللغة. ثم قيل ذلك فى الكلام والأصوات على سمته وطريقه فى غيرهما ، فجعل أهل علم العرب ما استمرّ من الكلام فى الإعراب وغيره من مواضع الصناعة مطّردا ، وجعلوا ما فارق ما عليه بقيّة بابه وانفرد عن ذلك إلى غيره شاذّا ؛ حملا لهذين الموضعين على أحكام غيرهما.
ثم اعلم من بعد هذا أن الكلام فى الاطّراد والشذوذ على أربعة أضرب :
مطّرد فى القياس والاستعمال جميعا ، وهذا هو الغاية المطلوبة ، والمثابة المنوبة ؛ وذلك نحو : قام زيد ، وضربت عمرا ، ومررت بسعيد.
ومطّرد فى القياس ، شاذّ فى الاستعمال. وذلك نحو الماضى من : يذر ويدع.
وكذلك قولهم «مكان مبقل» هذا هو القياس ، والأكثر فى السماع باقل ، والأوّل مسموع أيضا ؛ قال أبو دواد لابنه دواد «يا بنىّ ما أعاشك بعدى؟» فقال دواد :
أعاشنى بعدك واد مبقل |
|
آكل من حوذانه وأنسل (٢) |
__________________
ـ أرضا بعينها. والصلال : جمع صلة وهى مواقع المطر فيها نبات فالإبل ترعاها. وانظر اللسان (طرد) ، (صلل) ، (لبن).
(٤) عجز البيت من الرجز لامرئ القيس فى ديوانه ص ١٣٥ ، ولسان العرب (حزم) ، ولرؤبة فى ديوانه ص ١٢٦ ، وتهذيب اللغة ١١ / ٢٧١ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (شذذ) ، وجمهرة اللغة ص ٧٨٧ ، ٩٦٦ ، ومقاييس اللغة ٤ / ٤٩٦. وصدر البيت :
* يحملننا والأسل النواهلا*
(٢) الرجز لدؤاد بن أبى دؤاد فى لسان العرب (عيش) ، (بقل) ، (نسل) ، وبلا نسبة فى لسان ـ