قال بعض المفسّرين : إنّ المقصود بها «امّة العرب» مقابل اليهود وغيرهم ، واعتبروا الآية (٧٥) من سورة آل عمران شاهدة على هذا المعنى حيث يقول : (قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) وذلك باعتبار أنّ اليهود كانوا يعتبرون أنفسهم أهل الكتاب وهم أهل القراءة والكتابة ، بينما كان العرب على العكس من ذلك. ولكن التّفسير الأوّل أنسب.
والجدير بالذكر أنّ الآية تؤكّد على أنّ نبي الإسلام بعث من بين هؤلاء الامّيين الذين لم يتلقّوا ثقافة وتعليما وذلك لبيان عظمة الرسالة وذكر الدليل على حقّانيتها ، لأنّ من المحال أن يكون هذا القرآن العظيم وبذلك المحتوى العميق وليد فكر بشري وفي ذلك المحيط الجاهلي ومن شخص امّي أيضا ، بل هو نور أشرق في الظلمات ، ودوحة خضراء في قلب الصحراء ، وهي بحدّ ذاتها معجزة باهرة وسندا قاطعا على حقّانيته ...
ولخّصت الآية الهدف من بعثة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في ثلاثة امور ، جاء أحدها كمقدّمة وهو تلاوة الآيات عليهم ، بينما شكّل الأمران الآخران أي (تهذيب وتزكية النفس) و (تعليمهم الكتاب والحكمة) الهدف النهائي الكبير.
نعم ، جاء الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليعطي الإنسانية ويعلّمها العلم والأخلاق ، لتستطيع بهذين الجناحين (جناح العلم وجناح الأخلاق) أن تحلّق في عالم السعادة وتطوي مسيرها إلى الله لتنال القرب منه.
والجدير بالملاحظة انّنا نجد بعض الآيات القرآنية تذكر «التزكية» قبل «التعليم» بينما تقدّم آيات اخرى «التعليم» على «التزكية». ففي ثلاثة من الموارد الأربعة التي ذكر فيها «التزكية» و «التعليم» تقدّمت التزكية على التعليم بينما تقدّم التعليم في المورد الرابع.
وفي الوقت الذي يشار في هذا التعبير إلى التأثير المتبادل لهذين العنصرين (الأخلاق وليدة العلم ، كما أنّ العلم وليد الأخلاق) تظهر أيضا أصالة التربية ومدى