وهذا «النقد الداخلي» ـ كما يطلق عليه علماء أصول التربية ـ هو الأكثر أهمية ، وهو ما يطلق عليه الاستاذ المحقق عبد السّلام هارون : (تحقيق متن الكتاب) الذي يقتضي من الباحث الأداء الصادق ، والأمانة والصبر.
يقول الاستاذ عبد السّلام هارون (١) : «ليس تحقيق المتن تحسينا أو تصحيحا ، وإنما هو أمانة الأداء التي تقتضيها أمانة التاريخ ، فإن متن الكتاب حكم على المؤلف وحكم عل عصره وبيئته ، وهي اعتبارات تاريخية لها حرمتها كما أن ذلك الضرب من التصرف عدوان على حق المؤلف الذي له وحده حق التبديل والتغيير».
ومن هنا سنحاول قدر الإمكان مقارنة المعاني والنصوص والمصطلحات بما ورد على لسان الخليل دون تدخل إلا بتفسير أو تحليل ، وسنترك بعض العناوين التي جاءت في غير مكانها أو اندرج تحتها ما ليس لها ، مع الإشارة إلى ذلك ، والقارئ الكريم يستطيع متابعة ذلك وتكوين رأي فيما يقرؤه ، وإن صحح خطأ من الأخطاء فسوف تتم الإشارة إليه.
من المؤكد أن هذه المنظومة النحوية لم تأخذ حقها في الظهور ولم تشتهر على الساحة النحوية شهرة غيرها من المنظومات النحوية الأخرى التي جاءت بعدها في عصور تالية ، ولعل ذلك يثير بعض التساؤلات عن أسباب خفاء هذه المنظومة حتى هذا الوقت المتأخر في حقل الدراسات النحوية واللغوية. هل تخوّف الدارسون من فكرة نسبتها للخليل؟ وهو من هو في حقل الدراسات النحوية واللغوية؟ هل ظلّت طوال كل هذا الزمن مغمورة لا يعرف من أمرها شيء ؛ ولم تصل إليها أيدي الدارسين فظلت في خدرها لم يقترب منها أحد؟ هل عزف عنها الدارسون لأسباب فنية أخرى؟
لا شك أن التنقيب داخل المخطوطات المحفوظة في المكتبات الخاصة أو
__________________
(١) تحقيق النصوص ونشرها ٤٤.