أولا : الخليل
وشخصيته
١ ـ الخليل بن أحمد
.. سيرة وعطاء
قليل
من يعيشون في ذاكرة
التاريخ بهذا الحضور القوي المتميز سلوكا راقيا وعلما مفيدا لمدة أربعة عشر قرنا
مضت من عمر هذا الزمان.
وقليل
من يتفق عليه الناس بهذا القدر الكبير من المديح وعبارات الثناء التي تدخل القلوب فتزداد حبا
واحتراما له.
وقليل
من أعطى بهذا السخاء
فأبدع ، وأكتشف فأجاد واعتزل الناس وهم مشغولون به.
وقليل
من اتصف بهذا التدين العميق والزهد المفيد وتلك السماحة العالية ، وهذه النفس
النقية السامية والحكمة الواعية وهذا التأثير المستمر في أبناء العربية.
وقليل
من أصبح ظاهرة يقف الناس حولها كل آن.
وقليل
من كان له تلك النظرة الثاقبة ، ما نظر إلى علم إلا واكتشف فيه شيئا.
وقليل
من كان أبيّا شامخا مع حاجته الواضحة.
ذلكم هو الخليل
بن أحمد الفراهيدي الذي يعدّ على رأس هؤلاء جميعا مؤصل علم النحو العربي وواضع
مصطلحاته ، وباسط مسائله ، ومسبّب علله ، ومفتق معانيه ، أستاذ أهل الذكاء والفطنة
، مكتشف علمي العروض والقافية ، الموسيقي ، الرياضي ، المعجمي ، المحدّث النحويّ
اللغويّ.
شغل الخليل
الناس بخلقه وعلمه وتراثه الذي كان ثمرة جهوده العلمية منذ ولادته عام مائه للهجرة
وإلى وفاته عام خمسة وسبعين ومائة ، ثم شغل من بعده بعلمه الوفير واكتشافاته
المفيدة وتاريخه المشرف ، وأخلاقه الحميدة ، لم أعرف أحدا نال كل هذا الحب
والإعجاب والتقدير من كل من قابلهم في حياته من أساتذته أو تلاميذه أو المعاصرين
له وكل من تحدثوا عنه