عمل في الأولاد فنصبها ، والمكان لا يعمل في المفعول به ، كما أن الزمان لا يعمل فيه وإذا كان الأمر على ما ذكرنا كان المضاف هنا محذوفا مقدرا وكأنه قال : تركته بمكان ملاحس البقر أولادها كما أن قوله : [الطويل]
٢٣٣ ـ وما هي إلا في إزار وعلقة |
|
مغار ابن همّام على حيّ خثعما |
محذوف المضاف أي : وقت إغارة ابن همام على حي خثعم ، ألا تراه قد عداه إلى (على) ، في قوله : على حيّ خثعما ، فملاحس البقر إذن مصدر مجموع يعمل في المفعول به كما أن : [الطويل]
مواعيد عرقوب أخاه بيثرب (٢)
كذلك وهو غريب ، وكان أبو علي يورد : «مواعيد عرقوب أخاه» مورد الطريف المتعجب منه ، فأما قوله : [البسيط]
٢٣٤ ـ كم جرّبوه فما زادت تجاربهم |
|
أبا قدامة ، إلا المجد والفنعا |
فقد يجوز أن يكون من هذا ، وقد يجوز أن يكون (أبا قدامة) منصوبا بزادت ، أي : فما زادت أبا قدامة تجاربهم إياه إلا المجد ، والوجه أن تنصبه بتجاربهم لأنها العامل الأقرب ، ولأنه لو أراد إعمال الأول لكان حريا أن يعمل الثاني أيضا ، فيقول : فما زادت تجاربهم إياه أبا قدامة إلا كذا ، كما تقول : ضربت فأوجعته زيدا ، ويضعف ضربت فأوجعت زيدا ، على إعمال الأول ، وذلك أنك إذا كنت تعمل الأول على بعده ، وجب إعمال الثاني أيضا لقربه لأنه لا يكون الأبعد أقوى حالا من الأقرب.
فإن قلت : اكتفي بمفعول العامل الأول من مفعول العامل الثاني ، قيل لك : وإذا كنت مكتفيا مختصرا فاكتفاؤك بإعمال الثاني الأقرب أولى من اكتفائك بإعمال الأول الأبعد ، وليس لك في هذا ما لك في الفاعل لأنك تقول : لا أضمر على غير
__________________
٢٣٣ ـ الشاهد لحميد بن ثور في الكتاب (١ / ٢٩٢) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٣٤٧) وليس في ديوانه ، وللطماح بن عامر كما في حاشية الخصائص (٢ / ٢٠٨) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (ص ٣٥١) ، والخصائص (٢ / ٢٠٨) ، وشرح المفصل (٦ / ١٠٩) ، ولسان العرب (لحس) ، و (علق) ، والمحتسب (٢ / ١٢١).
(١) مرّ الشاهد رقم (٢٣٢).
٢٣٤ ـ الشاهد للأعشى في ديوانه (١٥٩) ، وتذكرة النحاج (ص ٤٦٣) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٦٩٤) ، ولسان العرب (جرب) ، و (فنع) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٢٠٨) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣٣٥).