شرعا (١) وعقلا هو القطع بها ومعرفتها ، فلا (٢) مجال له موضوعا ، ويجري (٣) حكما ،
______________________________________________________
واقعا وإن لم يتعلق بها معرفة ، كما كان الأمر كذلك في القسم الأول ـ فلا يجري الاستصحاب الموضوعي في تلك الأمور ، إذ ليست هي بوجودها الواقعي موضوع وجوب الاعتقاد والتسليم حتى تثبت بالاستصحاب ، بل موضوعه المعرفة بها ، وهي لا تثبت بالاستصحاب ، فلا يجدي جريانه في الموضوع ، فلو كان متيقنا بحياة إمام زمانه لا يجري فيها الاستصحاب ، إذ لا يثبت به المعرفة التي هي موضوع وجوب الاعتقاد إلّا بناء على أمرين : أحدهما كفاية المعرفة الظنية في الأمور الاعتقادية التي يكون المهم فيها المعرفة ، والآخر حجية الاستصحاب من باب الظن.
وأما الاستصحاب الحكمي فلا مانع من جريانه ، فلو شك في وجوب تحصيل القطع بتفاصيل القيامة بعد أن كان في زمان قاطعا بوجوبه جرى فيه الاستصحاب وترتب عليه وجوب تحصيل اليقين بها.
(١) كمعرفة الله سبحانه وتعالى عند الأشاعرة المنكرين للتحسين والتقبيح العقليين ، فان وجوبها شرعي عندهم ، لكنه عقلي عند العدلية ، وقد مر تفصيل ذلك في الجزء الخامس. ويمكن أن يكون قوله : «شرعا» إشارة إلى وجوب تحصيل المعرفة ببعض الاعتقاديات كالمعاد الجسماني ، إذ بناء على وجوب تحصيل المعرفة به عندنا يكون وجوبه شرعيا لا عقليا ، وعليه فليس قوله : «شرعا» إشارة إلى وجوب معرفة الباري عند الأشعري ، بل غرض المصنف الإشارة إلى أن وجوب معرفة بعض الأمور الاعتقادية عقلي وبعضها شرعي.
(٢) جواب «وأما التي» يعني : فلا مجال للاستصحاب الموضوعي في تلك الأمور الاعتقادية التي يكون المهم فيها القطع بها ، وضميرا «بها ، معرفتها» راجعان إلى «الأمور».
(٣) يعني : ويجري الاستصحاب الحكمي ، لصحة التنزيل ثبوتا وعموم دليل الاستصحاب إثباتا.