المذكورة بتلك الخصوصيات ، فجوابه واضح ، لأنّ البيوت التي ورد ذكرها في هذه الآية والتي يحرسها رجال أشداء ييقظون ، هم الذين يحفظون هذه المصابيح المنيرة ، إضافة إلى أن هؤلاء الرجال يبحثون عن مصدر نور ، فيهرعون إليه بعد أن يتعرّفون على موضع هذا النور.
ولكن ما المقصود من هذه البيوت؟
الجواب يتّضح بما ذكرته آخر الآية من خصائص حيث تقول : أنّه في هذه البيوت يسبّح أهلها صباحا ومساء : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (١).
(رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) إنّ هذه الخصائص تكشف عن أنّ هذه البيوت هي المراكز التي حصّنت بأمر من الله ، وأنّها مركز لذكر الله ولبيان حقيقة الإسلام وتعاليم الله ، ويضم هذا المعني الواسع المساجد وبيوت الأنبياء والأولياء خاصّة بيت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبيت عليّ عليهالسلام. ولا دليل يؤيّد حصرها من قبل بعض المفسّرين ـ بالمساجد أو بيوت الأنبياء وأمثالها.
وفي الحديث المروي عن الإمام الباقر عليهالسلام «هي بيوت الأنبياء وبيت عليّ منها» (٢).
وفي حديث آخر حيث سئل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا قرأ الآية ، أي بيوت هذه؟ فقال : «بيوت الأنبياء» فقام أبو بكر فقال : يا رسول الله ، هذا البيت منها ، يعني بيت عليّ وفاطمة. قال : «نعم ، من أفاضلها» (٣).
__________________
(١) «الغدو» على وزن «علو» بمعنى الصبح ، ويقول الراغب الأصفهاني : الغدوة والغداة من أوّل النهار ، وقوبل في القرآن بالآصال ، نحو قوله (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) وقوبل الغداة بالعشيّ. و «الآصال» جمع «الأصل» على وزن «رسل» وهو بدوره جمع للأصيل بمعنى العصر ، والسبب في ذكر الغدو مفردة والآصال جمعا؟ يقول فخر الرازي ، لأنّ الغدو ذات بعد مصدري ولا يجمع المصدر.
(٢) تفسير نور الثقلين ، المجلد الثالث ، ص ٦٠٧.
(٣) تفسير مجمع البيان للآية موضع البحث.