رسلها أيضا ، وأضافت : (وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ).
وكذلك كذّب أهالي مدينة «مدين» نبيّهم «شعيب» ، وكذّب فرعون وقومه نبيّهم «موسى» (وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى).
وإنّ هذه المعارضة والتكذيب لن تؤثّر في روحك الطاهرة ونفسك المطمئنة ، مثلما لم تؤثّر في أنبياء كبار قبلك ولم تعق مسيرتهم التوحيديّة ودعوتهم إلى الحقّ والعدل قطّ.
إلّا أنّ هؤلاء الكفرة الأغبياء يتصوّرون إمكانية مواصلة هذه الأساليب المخزية. (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) أجل ، أمهل الله الكافرين ليؤدّوا امتحانهم وليتمّ الحجّة عليهم فأغرقهم بنعمته ، ثمّ حاسبهم حسابا عسيرا. (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (١) ورأيت كيف أنكرت عليهم أعمالهم ، وبيّنت لهم أعمالهم القبيحة ، لقد سلبت منهم نعمتي وجعلتهم على أسوأ حال ... سلبتهم سعادتهم الدنيوية وعوّضتهم بالموت.
آخر الآية موضع البحث يبيّن الله تعالى كيفيّة عقاب الكفّار بجملة موجزة ذات دلالة واسعة (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ) وأضافت الآية أنّ سقف بيوتها قد باتت أسفل البناء : (فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها).
أي إنّ الواقعة كانت شديدة حتّى أنّ السقوف انهارت أوّلا ثمّ الجدران على السقوف (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) فما أكثر الآبار الرويّة بمياهها العذبة ، ولكنّها غارت في الأرض بعد هلاك أصحابها فأصبحت معطّلة لا نفع فيها.
(وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) (٢) أجل ما أكثر القصور المشيدة التي ارتفعت شاهقة وزينت ،
__________________
(١) النكير تعني الإنكار وهنا تعني فرض العقاب.
(٢) «المشيد» مشتقّة من «شيد» على وزن «عيد» ذات معنيين : أوّلهما الارتفاع ، والثّاني الجصّ ، فتعني لفظة «قصر مشيد» القصر المرتفع.
والمعنى الثّاني القصر الذي بني على أسس ثابتة قويّة ليصان من حوادث الزمان ، وبما أنّ معظم منازل ذلك العصر تبنى من اللبن ، فإنّ المنزل الذي يبنى بالجصّ يكون أقوى من هذه البيوت ويكون متميّزا عنها.