وإذا ارتدّ إنسان ما عن الإسلام ولم يكن مسلما بالولادة ، يتعيّن عليه التوبة ، فإن تاب قبلت توبته وينجو من العقاب.
وقد ينظر للحكم السياسي الصادر بحقّ المرتدّ الفطري على أنّ فيه نوعا من الخشونة والقسوة وفرضا للعقيدة وسلبا لحرية الفكر ، ولكنّ حقيقة هذه الأحكام تختص بمن يظهر عقائده المخالفة أو يدعو لها ولا تطال من يعتقد باعتقادات مخالفة ولكنّه لم يظهرها للناس ، لأنّ الدعوة للعقائد المخالفة تمثل في واقعها حربا للنظام الاجتماعي الموجود ، وعليه فلا تكون الخشونة والحال هذه عبثا ، ولا تتنافى وحرية الفكر والإعتقاد ، وكما قلنا فإنّ شبيه هذا القانون موجود في كثر من دول الغرب والشرق مع بعض الاختلافات.
وينبغي الالتفات إلى أنّ قبول الإسلام يجب أن يكون طبقا للمنطق ، والذي يولد من أبوين مسلمين وينشأ بين أحضان بيئة إسلامية ، فمن البعيد عدم إدراكه محتوى الإسلام ، ولهذا يكون ارتداده وعدوله عن الإسلام أشبه بالخيانة منه من عدم إدراك الحقيقة ، ولذلك فهو يستحق ما خطّ في حقه من عقاب.
على أنّ الأحكام عادة لا تخصص لشخص أو شخصين وإنّما يلحظ فيها المجموع العام (١).
* * *
__________________
(١) اختلف المفسّرون بخصوص جملة «من كفر بالله ...» ، فاعتبرها بعضهم : شرحا وتوضيحا للجملة السابقة لها وأنّها بدل لعبارة «الذين لا يؤمنون بآيات الله» ، فيما اعتبرها آخرون : بدلا لكلمة «كاذبون» ، وقال بعضهم : أنّها مبتدأ محذوف الخبر ويقدروها بـ «من كفر بالله من بعد إيمانه فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم» ، فجزاء الشرط محذوف لدلالة الجملة التالية على ذلك.
وثمّة احتمال رابع (ويبدو أفضل الاحتمالات) وهو : أنّها مبتدأ ، وخبرها في نفس الآية وغير محذوف ، أمّا عبارة «لكن من شرح للكفر صدرا» فهي توضيح جديد للمبتدأ لوقوع جملة استثنائية بينها وبين خبرها ، وهذا النوع من التعبير كثير الاستعمال حتى في غير اللغة العربية ـ فتأمل.