يبيّن القرآن الكريم في هذا الصدد اوّلا ... انّه لما جاءت رسلنا لوطا طار هلعا وضاق بهم ذرعا وأحاط به الهمّ من كل جانب (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً).
وقد ورد في الرّوايات الاسلامية انّ لوطا كان في مزرعته حيث فوجئ بعدد من الشباب الوسيمين الصباح الوجوه قادمون نحوه وراغبون في النّزول عنده ولرغبته باستضافتهم من جهة ، ولعلمه بالواقع المرير الذي سيشهده في مدينته الملوّثة بالانحراف الجنسي من جهة أخرى ، كل ذلك أوجب له الهم ... ومرّت هذه المسائل على شكل أفكار وصور مرهقة في فكره ، وتحدث مع نفسه (وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ).
لاحتمال الفضيحة والتورط في مشاكل عويصة كلمة (سيئ) مشتقّة من ساء ، ومعناها عدم الارتياح وسوء الحال ، و «الذرع» تعني «القلب» على قول ، وقال آخرون : معناها «الخلق» فعلى هذا يكون معنى (ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) انّ قلبه أصيب بتأثر شديد لهؤلاء الأضياف غير المدعوين في مثل هذه الظروف الصعبة.
ولكن بحسب ما ينقله «الفخر الرازي» في تفسيره عن «الازهري» انّ الذرع في هذه الموارد يعنى «الطاقة» وفي الأصل معناه الفاصلة بين اذرع البعير أثناء سيره.
وطبيعي حين يحمل البعير اكثر من طاقته فإنّه يضطر الى تقريب خطواته وتقليل الفاصلة بين خطواته ، وبهذه المناسبة وبالتدريج استعمل هذا المعنى في عدم الارتياح والاستثقال من الحوادث.
ويستفاد من بعض كتب اللغة ككتاب (القاموس» انّ هذا التعبير انّما يستعمل في شدة الحادثة بحيث يجد الإنسان جميع الطرق بوجهه موصدة.
وكلمة «عصيب» مشتقّة من «العصب» على زنة «الكلب» ومعناه ربط الشيء بالآخر وشده شدّا محكما ، وحيث انّ الحوادث الصعبة تشدّ الإنسان