.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الأمر الثالث : إذا كان هناك جلود من حيوانات مذكاة وجلود من حيوانات غير مذكاة واختلطت بحيث لا يتميز المذكى منها عن غيره ، فان كانت الأطراف محصورة وجب الاجتناب عن الجميع ، للعلم الإجمالي بنجاسة بعضها ، وكذا الحال في اللحوم والشحوم المشتبهة. وان كانت الأطراف غير محصورة بحيث لا يكون جميعها موردا للابتلاء حتى ينجز العلم الإجمالي لم يجب الاجتناب ، بل يجوز الارتكاب ، لقاعدة الطهارة. ولا موجب للاجتناب إلّا ما يتوهم من جريان أصالة عدم التذكية فيما يكون محل ابتلائه من بعض الأطراف. وهو فاسد ، للعلم بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف المانع عن التعبد بالبقاء ، وعن البناء العملي على أن أحد طرفي الشك أعني به المعلوم السابق هو الواقع وان لم يلزم من هذا التعبد مخالفة قطعية عملية كالمقام ، إذ لا يلزم من التعبد ببقاء عدم التذكية إلّا الاجتناب عن المذكى الواقعي ، وهذا مما لا محذور فيه ، لكن لا داعي إلى هذا التعبد بعد فرض انعدام موضوعه بانتقاض الحالة السابقة.
والحاصل : أن المانع عن جريان الأصول التنزيلية في أطراف العلم الإجمالي هو المحذور في نفس الجعل والتشريع أعني التعبد بما يعلم إجمالا بخلافه ، وليس المحذور ما يرجع إلى العبد من المخالفة عملا. وعليه فلا يجري الاستصحاب الحكمي أيضا بالمناط المذكور ، فتصل النوبة إلى قاعدة الطهارة.
ومن هنا يظهر حال الجلود المجلوبة من بلاد الكفار وما يصنع منها من الخفّ والنعل وغيرهما مع العلم بنقل جلود من بلاد المسلمين أيضا إلى بلادهم كما هو دأب التجار في هذه الأعصار ، وعدم العلم بكون هذا الجلد المجلوب من جلود الكفار أو من جلود المسلمين المنقولة إلى تلك البلاد ، فانه مع عدم جريان