كلمة «تماما») فما الحاجة إلى شريعة عيسى ، وإلى الشريعة الإسلامية؟
ولكن يجب أن يعلم أنّ كلّ شريعة من الشرائع إنّما تكون شريعة جامعة وكاملة بالنسبة لعصرها ، ومن المستحيل أن تنزل شريعة ناقصة من جانب الله تعالى.
بيد أنّ هذه الشريعة التي تكون كاملة بالنسبة إلى عصر معيّن يمكن أن تكون ناقصة غير كاملة بالنسبة إلى العصور اللاحقة ، كما أنّ البرنامج الكامل الجامع المعدّ لمرحلة الدراسة الابتدائية ، يكون برنامجا ناقصا بالنسبة إلى مرحلة الدراسة المتوّسطة ، وهذا هو السرّ في إرسال الأنبياء المتعددين بالكتب السماويّة المختلفة المتنوعة حتى ينتهي الأمر إلى آخر الأنبياء وآخر التعاليم.
نعم إذ تهيّأ البشر لتلقّي التعاليم النهائية ، وصدرت إليهم تلك التعاليم والأوامر ، لم يبق حاجة ـ بعد ذلك ـ إلى دين جديد ، وكان شأنهم حينئذ شأن المتخّرجين الذين يمكنهم بما عندهم من معلومات الحصول على نجاحات علمية عن طريق المطالعة والتأمل.
إن أتباع مثل هذه الشريعة ، ومثل هذا الدين (النهائي) لن يحتاجوا إلى دين جديد ، وإنّما يكتسبون طاقة حركتهم وتقدمهم من نفس ذلك الدين الإلهي.
كما أنّه يستفاد من هذه الآية أيضا أنّ القضايا المرتبطة بالقيامة قد وردت في التّوراة الأصلية بالقدر الكافي. وإذا لم نلاحظ اشارة إلى قضايا الحشر والمعاد في التّوراة الفعلية والكتب الحاضرة المرتبطة بها إلّا نادرا ، فالظاهر أنّ ذلك بسبب تحريف اليهود وأصحاب الدنيا الذين كانوا يرغبون في قلّة التحدّث في القيامة وقلّة السماع عنها.
على أنّه قد وردت في التّوراة الفعلية مع ذلك إشارات عابرة ومختصرة إلى مسألة القيامة ، ولكنّها قليلة إلى درجة دفع بالبعض إلى القول : إنّ اليهود لا يعتقدون بالمعاد والقيامة أساسا ، ولكن هذا الكلام أشبه بالمبالغة من الواقع