وقد انقدح بذلك (١) : أنّه لا دلالة بمجرّد الأمر بالأمر على كونه أمرا به ، ولا بدّ في الدلالة عليه من قرينة عليه (*).
______________________________________________________
(١) أي : بتطرّق الاحتمالين في أمر الواسطة بشيء ، وهذا مقام الإثبات ، وغرضه : أنّه لا دلالة لمجرّد الأمر بالأمر على أحد الاحتمالين المزبورين ، بل لا بدّ في الدلالة عليه من قرينة على ذلك.
__________________
للصبي.
لكنك خبير بأنّه إذا لم يدل دليل على تعيّن كون أمر الشارع للأولياء بأمرهم للصبيان أمرا بنفس ذلك الشيء لم يترتّب عليه هذه الثمرة ، لأنّ ترتّبها عليه منوط بدلالة الأمر بالأمر في مقام الإثبات على كون الواسطة مبلّغا ، لا آمرا ، إذ مع الإجمال وعدم الدلالة لا تترتّب الثمرة المزبورة على هذا البحث ، فتكون عبادات الصبي حينئذ تمرينيّة.
فالأولى : إثبات مشروعيّة عبادات الصبي بعموم أدلّة التشريع ، كقوله تعالى : «كتب عليكم الصيام» و «أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» ، ونحوها ممّا يعمّ البالغ وغيره.
وحديث : «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم» لا ينافي عموم الأدلّة حتى يخصصه بالبالغ ، لأنّه بقرينة وروده مورد الامتنان يرفع الإلزام الموجب للثقل مع بقاء المصلحة على حالها.
وعلى هذا : فلو أتى بالصلاة في الوقت ، ثم بلغ أجزأت ، ولا تجب الإعادة.
(*) لا يبعد أن يقال : إنّ غلبة ورود الأمر بالأمر في التبليغ ، وكون الغرض متعلقا بنفس الفعل توجب ظهوره فيه ، فتكون الغلبة المزبورة قرينة نوعيّة على المبلّغيّة ، والطريقية ، وكون الثالث مأمورا من الآمر الأوّل ، لا الثاني. وهذه القرينة متّبعة ما لم يقم صارف عنها. وعليه : فلا بأس بترتيب الثمرة المزبورة ـ وهي : شرعيّة عبادات الصبي ـ على هذا البحث ، لعدم قرينة فيها على خلاف الغلبة المزبورة.