المذكورة في الآية اللاحقة ـ التعبير بـ «من نسائكم» أي زوجاتكم ، لأنّ التعبير بهذه اللفظة عن الزوجات قد تكرر في مواضع عديدة من القرآن الكريم ، وعلى هذا يكون جزاء المحصنة التي ترتكب الزنا في هذه الآية هو الحبس الأبدي.
ولكنه تعالى أردف هذا الحكم بقوله : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) فإذن لا بدّ أن يستمر هذا الحبس في حقهنّ إلى الأبد حتى يأتي أجلهنّ ، أو يعين لهنّ قانون جديد من جانب الله سبحانه.
ويستفاد من هذه العبارة أنّ هذا الحكم (أي الحبس الأبدي للمحصنة الزانية) حكم مؤقت ، ولهذا ذكر من بداية الأمر أنّه سوف ينزل في حقهنّ قانون جديد ، وحكم آخر في المستقبل (وبعد أن تتهيأ الظروف والأفكار لمثل ذلك) حينئذ سيتخلص النساء اللاتي شملهنّ ذلك الحكم (أي الحكم بالحبس أبدا) من ذلك السجن إذا كن على قيد الحياة طبعا ، ولا يشملهنّ حكم جزائي آخر ، وليس الخلاص من السجن إلّا بسبب إلغاء الحكم السابق ، وأما عدم شمول الحكم الجديد لهنّ فلئن الحكم الجزائي لا يشمل الموارد التي سبقت مجيئه ، وبهذا يكون الحكم والقانون الذي سيصدر في ما بعد ـ مهما كان ـ سببا لنجاة هذه السجينات ، على أنّ هذا الحكم الجديد يشمل حتما كل الذين سيرتكبون هذا المنكر في ما بعد. (فلا حظ بدقّة هذه النقطة).
وأمّا ما احتمله البعض من أنّ المراد من قوله تعالى : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) هو أنّ الله سبحانه قد جعل الرجم للمحصنات الزانيات في ما بعد ، يجعل وبذلك سيكون للسجينات سبيلا إلى النجاة والخلاص من عقوبة السجن ، فهو احتمال مردود ، لأنّ لفظة «لهنّ سبيلا» لا تتلاءم أبدا مع مسألة الأعدام ، فعبارة «لهنّ» تعني ما يكون نافع لهنّ وليس الاعدام سبيلا لنجاتهنّ ، والحكم الذي قرّره الله في الإسلام للمحصنات الزانيات في ما بعد هو الرجم (وقد ورد هذا الحكم في لسان السنة النبوية الشريفة أي الأحاديث قطعا،وإن لم ترد في القرآن الكريم