وذلك (١) لما عرفت من كفاية المغايرة مفهوما ، ولا اتفاق على اعتبار
______________________________________________________
(١) بيان لفساد كلام الفصول الّذي انقدح مما ذكره المصنف من كفاية التغاير المفهومي بين المبدأ والذات ، وعدم برهان على التغاير الوجوديّ بينهما ، وهذا مراده بقوله : «ولا اتفاق» إذ مورد اتفاقهم هو المغايرة المفهومية.
__________________
وثالثا : إنّ المبحوث عنه هو الوضع ، واتّفاق العلماء لا يكشف عن ذلك ولا يثبته.
(الثاني) : أنّه لا إشكال في كون المبدأ عينا في الواجب وزائدا في الممكن فهما متباينان ، فلا يمكن انتزاع مفهوم واحد منهما وضع له لفظ المشتق. وفيه : أنّ الموضوع له في لفظ المشتق كسائر الألفاظ هو نفس المفهوم لا وجوده ، ومن المعلوم اتحادهما فيه ، والمغايرة إنّما تكون في الوجود ، حيث إنّ المبدأ فيه تعالى عين ذاته وفي الممكن غير ذاته ، وهذا التغاير لا يوجب التباين المطلق حتى لا يكون جامع بين صفاته سبحانه وتعالى وصفاتنا.
(الثالث) : أنّ المتبادر إلى الذهن من المشتق هو الذوات المتلبسة بالمبادئ التي لا تكون عينا لها ، فالموضوع له في المشتق هو هذا المعنى المنسبق إلى الذهن ، ومن المعلوم أنّه ينافي العينية ، فلا بد من التصرف في معاني الصفات الجارية عليه تعالى شأنه. وفيه منع ، بل المتبادر هو الذوات المتلبسة بالمبادئ على الإطلاق ، وليس المتبادر خصوص الذوات المتلبسة بالمبادئ التي لا تكون عينا لها ، نعم لا ينتقل العرف إلى المصداق الّذي يكون المبدأ عينه وجودا ، لكن نظرهم حجة في تشخيص المفهوم دون المصداق ، لما ثبت من أنّ موضوع الآثار ومهبط الأحكام هو مفاهيم الألفاظ المأخوذة في حيِّز الخطابات ، فلا تترتب الأحكام والآثار على ما لا يكون مصداقا لتلك المفاهيم حقيقة ، وإنّما يكون مصداقا لها بضرب من العناية والتنزيل ، إذ المفروض عدم انطباق المفهوم ـ الّذي هو الموضوع ـ عليه.