عرفت ما تلوناه عليك ، فاعلم : أنّ الأقوال في المسألة وان كثرت (١) إلّا أنّها حدثت بين المتأخرين بعد ما كانت ذات قولين (٢) بين المتقدمين ، لأجل (٣) توهم اختلاف المشتق باختلاف مبادئه في المعنى (٤)
______________________________________________________
(١) وصارت ستة ، خمسة منها باعتبار المبادئ ، وواحد منها باعتبار الأحوال الطارئة في الاستعمال كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
(٢) وهما : القول بكون المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدإ ومجازاً في غيره ، والقول بكونه حقيقة في الأعم منه ومما انقضى عنه المبدأ.
(٣) متعلق بقوله : «حدثت» وغرضه من هذه العبارة : بيان منشأ حدوث الأقوال بين المتأخرين.
(٤) من حيث الفعلية والشأنية والملكية وغيرها ، وهو المنشأ الأوّل لحدوث بعض الأقوال بين المتأخرين ، حيث إنّهم تخيّلوا أنّ المشتق حقيقة في المنقضي عنه التلبس إذا كان المبدأ ملكة أو قوة أو صنعة ، فإنّ المشتق يطلق حقيقة على الذات
__________________
الاستصحاب فيه ، لكون إجمال المفهوم موجباً للشك في بقاء الموضوع الموجب لعدم جريان الاستصحاب ، لأنّ إحراز بقاء الموضوع مما لا بدّ منه في جريانه ، ولذا لا نقول بجريانه في جميع موارد تبدُّل حال وزوال وصف من أوصاف الموضوع ، لاحتمال دخله فيه ، ولذا يشكل جريان الاستصحاب في مثل الماء المتغير الزائل تغيُّره من قِبَل نفسه وإن أمكن دفعه فيه بإرجاع الشك إلى كيفية علّية التغيُّر للنجاسة ، وأنّه علة لها حدوثاً وبقاءً أو حدوثاً فقط ، إذ بهذا الاعتبار يصير الحكم مشكوكاً فيه فيستصحب.
وبالجملة : ففي المفهوم المردد كالمقام لا يجري الاستصحاب ، بل الجاري في كلتا الصورتين إنّما هو البراءة.