في الدنيا ورضوان الله والجنّة في الآخرة)(١).
ولكنّ بعض المفسّرين ذهبوا إلى أنّها تتضمّن معنى العلم والعبادة في الدنيا والجنّة في الآخرة ، أو المال في الدنيا والجنّة في الآخرة ، أو الزوجة الصالحة في الدنيا والجنّة في الآخرة ، وقد ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه المعاني (من أوتي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعينه على أمر دنياه وأخراه فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقي عذاب النار)(٢).
وواضح أنّ تفسير الحسنة هذا له مفهوم واسع بحيث يشمل جميع المواهب الماديّة والمعنويّة ، وما ورد في الرواية أعلاه أو في كلمات المفسّرين فهو بيان لأبرز المصاديق لا حصر الحسنة بهذه المصاديق ، فما تصوّره بعض المفسّرين من أنّ الحسنة الواردة في الآية بصورة المفرد النكرة لا تشمل على كلّ خير ، ولهذا وقع الاختلاف في مصداقها بين المفسّرين (٣)،إنّما هو اشتباه محض ، لأنّ المفرد النكرة تارة يأتي بمعنى الجنس ومورد الآية ظاهرا من هذا القبيل ، فالمؤمنون ـ كما ذهب إليه بعض المفسّرين ـ يطلبون من الله تعالى أصل الحسنة بدون أن ينتخبوا لها مصداقا من المصاديق ، بل يوكلون هذا الأمر إلى مشيئته وإرادته وفضله تعالى (٤).
وفي آخر آية إشارة إلى الطائفة الثانية (الّذين طلبوا من الله الحسنة في الدنيا والآخرة) فتقول (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ).
وفي الحقيقة هذه الآية تقع في النقطة المقابلة للجملة الأخيرة من الآية السابقة (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ).
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٩٧.
(٢) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٩٨.
(٣) التفسير الكبير ، ج ٥ ، ص ١٨٩.
(٤) في ظلال القرآن ، ج ١ ، ص ٢٩٠.