وقال القسطلاني في إرشاد الساري (١) (٧ / ٢٧٠): قد ثبت أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أتى قبر أُمّه لمّا اعتمر فاستأذن ربّه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية. رواه الحاكم (٢) وابن أبي حاتم عن ابن مسعود ، والطبراني (٣) عن ابن عبّاس ، وفي ذلك دلالة على تأخّر نزول الآية عن وفاة أبي طالب والأصل عدم تكرار النزول.
قال الأميني : هلاّ كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلم إلى يوم تبوك بعد تلكم الآيات النازلة التي أسلفناها في (ص ١٠ ـ ١٢) ، أنّه غير مسوغ له وللمؤمنين الاستغفار للمشركين والشفاعة لهم ، فجاء يستأذن ربّه أن يستغفر لأُمّه ويشفع لها؟ أو كان يحسب أنّ لأُمّه حساباً آخر دون سائر البشر؟ أو أنّ الرواية مختلقة تمسّ كرامة النبيّ الأقدس ، وتدنّس ذيل قداسة أُمّه الطاهرة عن الشرك.
ومنها : ما أخرجه الطبري في تفسيره (٤) (١١ / ٣١) عن قتادة قال : ذكر لنا أنّ رجالاً من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قالوا : يا نبيّ الله إنّ من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل الرحم ، ويفكّ العاني ، ويوفي بالذمم ، أفلا نستغفر لهم؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : [بلى] (٥) والله لأستغفرنّ لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه ، فأنزل الله : (ما كانَ لِلنَّبِيِ) ، ثمّ عذر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) إلى قوله : (تَبَرَّأَ مِنْهُ).
وأخرج الطبري من طريق عطيّة العوفي عن ابن عبّاس قال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يستغفر لأبيه فنهاه الله عن ذلك بقوله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
__________________
(١) إرشاد الساري : ١٠ / ٥٦٠ ـ ٥٦١ ح ٤٧٧٢.
(٢) المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٣٦٦ ح ٣٢٩٢.
(٣) المعجم الكبير : ١١ / ٢٩٦ ح ١٢٠٤٩.
(٤) جامع البيان : مج ٧ / ج ١١ / ٤٣.
(٥) من المصدر.