حليبا» (كما يكونان معرّفين) نحو «ذكرت الله في الواد المقدّس طوى» ، (١)
وأشار بإتيانه بكاف التّشبيه المفهمة للقياس الشّبهيّ (٢) بل الأولويّ لأنّ احتياج النّكرة إلى البيان أشدّ من غيرها ـ إلى خلاف من منع إتيانهما (٣) نكرتين كالزّمخشري ، أو ذهب إلي اشتراط زيادة تخصيصه. (٤)
فائدة : جعل أكثر النّحويّين التّابع المكرّر به لفظ المتبوع (٥) كقوله :
__________________
(١) فطوي بيان للمقدس ، وهما معرفتان المعطوف بالعلمية والمعطوف عليه بأل ، والتبس الأمر على بعض الأساطين من الشراح حيث توهم أن المقدس عطف بيان للوادي ، وغفل من أن عطف البيان لا يكون مشتقا ولا مؤولا ، كما مرّ من الشارح قبل أسطر.
(٢) القياس إعطاء حكم شيء لشيء آخر لمشابهتهما في علة الحكم وهو على قسمين شبهيّ وأولويّ ، إذ قد تكون العلة في المشبه أقوي من المشبه به فأولويّ ، وقد يكون مساويا معه فشبهيّ.
مثلا إذا ورد دليل على أن الخمر نجس لأنه مسكر ، وكان مايع غير الخمر مسكرا بمقدار إسكار الخمر فيقاس على الخمر ، ويقال : هذا المايع نجس كما أن الخمر نجس لكونه مثل الخمر في الإسكار ، فهذا قياس شبهي وأما إذا كان الإسكار في ذلك المايع أشد من الإسكار في الخمر فالقياس أولويّ ، وهو أقوي دليلا من الشبهيّ. ففيما نحن فيه نعلم أن عطف البيان أنما يؤتي به لبيان المعطوف عليه وإيضاحه وعطف البيان في المعرفة مسلم عند النحاة ، وأما النكرة وإن لم يرد من أقوال النحاة دليل على مجيئه عطف بيان إلا أن قياسه علي المعرفة دليل عليه. فاستدلّ المصنف بهذا الدليل لمجيء النكرة عطف بيان لتشبيهه النكرة بالمعرفة ، وفي هذا إشارة إلى خلاف من منع من إتيان عطف البيان ، ومعطوفه نكرتين كالزمخشري أو خلاف من أجاز عطف البيان في النكرة لكن بشرط أن يكون في المعطوف زيادة تخصيص للمعطوف عليه.
فدفع الخلافين بدليل القياس وحاصله أنه لا معني لإتيان المعرفة بيانا ولا نجوّز ذلك في النكرة مع أن العلّة موجودة في النكرة.
(٣) أي : المعطوف والمعطوف عليه.
(٤) نحو جائني انسان رجل.
(٥) لا معناه ، فإن (نصر) التابع أي : الثاني مصدر ، والمتبوع علم لشخص ، فكأنه قال يا نصر الذي هو نصر للناس نصرا ، والثالث مفعول مطلق معمول لنصر الثاني ، والمراد أنه إذا كان التابع تكرار اللفظ المتبوع