لم أنسَهُ وجيوشُ الكفرِ جائشةٌ |
|
والجيشُ في أملٍ والدينُ في ألمِ |
تطوفُ بالطفِّ فرسانُ الضلالِ به |
|
والحقُّ يسمعُ والأسماعُ في صممِ |
وللمنايا بفرسانِ المنى عجلٌ |
|
والموتُ يسعى على ساقٍ بلا قدمِ |
مسائلاً ودموعُ العينِ سائلةٌ |
|
وهو العليمُ بعلمِ اللوحِ والقلمِ |
ما اسم هذا الثرى يا قومُ فابتدروا |
|
بقولِهم يوصلونَ الكلمَ بالكلمِ |
بكربلا هذه تُدعى فقال أجل |
|
آجالُنا بين تلك الهضبِ والأكمِ |
حطّوا الرحالَ فحال الموتُ حلَّ بنا |
|
دون البقاءِ وغير الله لم يدمِ |
يا للرجالِ لخطبٍ حلَّ مخترم ال |
|
آجالِ معتدياً في الأشهرِ الحرمِ |
فها هنا تصبحُ الأكبادُ من ظمأ |
|
حرّى وأجسادُها تروى بفيض دمِ |
وهاهنا تصبحُ الأقمارُ آفلةً |
|
والشمسُ في طَفَلٍ والبدرُ في ظُلَمِ |
وهاهنا تملكُ الساداتِ أعبدُها |
|
ظلماً ومخدومُها في قبضةِ الخدمِ |
وهاهنا تصبحُ الأجسادُ ثاويةً |
|
على الثرى مَطعماً للبوم والرخمِ (١) |
وهاهنا بعد بُعد الدار مدفنُنا |
|
وموعدُ الخصمِ عند الواحدِ الحكمِ |
وصاح بالصحبِ هذا الموتُ فابتدروا |
|
أُسداً فرائسُها الآسادُ في الأجَمِ |
من كل أبيضَ وضّاحِ الجبينِ فتىً |
|
يغشي صلى الحربِ لا يخشى من الضرمِ |
من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ |
|
في اللهِ مُنتجبٍ باللهِ مُعتصمِ |
وكلِّ مصطلِمِ الأبطالِ مصطلمِ ال |
|
آجال مُلتمسِ الآمالِ مُستلمِ |
وراح ثَمّ جوادُ السبطِ يندبُه |
|
عالي الصهيلِ خليّا طالبَ الخيمِ |
فمذ رأته النساءُ الطاهراتُ بدا |
|
يكادمُ (٢) الأرضَ في خدٍّ له وفمِ |
برزن نادبةً حسرى وثاكلةً |
|
عبرى ومعلولةً بالمدمعِ السجمِ |
__________________
(١) البوم : طائر يسكن الخراب. الرخم : طائر من الجوارح الكبيرة الجثة الوحشية الطباع. (المؤلف)
(٢) يكادم : يعضّ. (المؤلف)