جميع الذنوب والخطايا ما ظهر منها وما بطن توبة نصوحا وإن كانت التوبة لا تختص بسفر الحج ، لكن تلك الحالة ادعى لها من غيرها من الحالات فلهذا اختصت بالذكر ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) الآية (١).
أمرنا بالتوبة النصوح ، والأمر حقيقة للوجوب ، وكلمة «عسى» من الله تعالى للتحقيق لا للشك.
وقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ)(٢).
وقال تعالى : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)(٣).
قيل : معنى التوبة : الندم على ما فات من الطاعة وإصلاح ما هو آت ، ثم التوبة النصوح أن يندم على ما ارتكب من الذنوب فى الزمان الماضى ، ويعزم أن لا يعود إليها فى الزمان المستقبل أبدا ؛ فإنه بذلك يستحق الرحمة والمغفرة بالنص ؛ وقد قال عليه الصلاة والسلام : «إن الله أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد ، ومن الظمأن الوارد ، ومن العقيم الوالد».
وفى رواية : «أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم بضالته يجدها بأرض فلاة عليها زاده وسقاؤه».
والفرح من الله تعالى : الرضا وحسن القبول ، والإقبال عليه ببسط الرحمة والمغفرة والكرامة ؛ ومعناه أن
الله تعالى أرضى بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بأرض فلاة ... الحديث.
وإذا تاب توبة نصوحا على ما ذكرنا صارت التوبة مقبولة غير مردودة قطعا من غير شك وشبهة ، بحكم الوعد بالنص لقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ)(٤) الآية. وقد قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ)(٥).
__________________
(١) سورة التحريم : آية ٨.
(٢) سورة النور : آية ٣١.
(٣) سورة الزمر : آية ٥٤.
(٤) سورة الشورى : آية ٢٥.
(٥) سورة الرعد : آية ٣١.