وملك الموت مع أنّه يتوفّى الأنفس ، وأنزل الله فيه القرآن وقال : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) (١) ، صحَّ مع ذلك الحصر فى قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (٢) والله هو المميت ولا يشاركه ملك الموت في شيء من ذلك ، كما صحّت النسبة في قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) (٣) وفي قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) (٤). ولا تعارض في كلّ ذلك ولا إثم ولا فسوق في إسناد الإماتة إلى غيره تعالى.
والمَلك لا يغشاه نوم العيون (٥) ، ولا تأخذه سِنة الراقد بتقديرٍ من العزيز العليم وجعله ، ومع ذلك لا يشارك الله فيما مدح نفسه بقوله (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (٦).
ولو أنَّ أحداً مكّنه المولى سبحانه من إحياء موتان الأرض برمّتها لم يشاركه تعالى ، والله هو الذي يحيي الأرض بعد موتها.
فهلمّ معي نسائل القصيمي عن أنَّ قول الشيعة : بأنَّ الأئمّة إذا شاءوا أن يعلموا شيئاً أعلمهم الله إيّاه ، كيف يتفرّع عليه القول بأنّ الأئمّة يشاركون الله في هذه الصفة صفة علم الغيب؟ وما وجه الاشتراك بعد فرض كون علمهم بإخبار من الله تعالى وإعلامه؟
وقد ذهب على الجاهل أنَّ الحكم بأنَّ القول بعلم الأئمّة بما كان وما يكون
__________________
(١) السجدة : ١١.
(٢) الزمر : ٤٢.
(٣) النحل : ٢٨.
(٤) النحل : ٣٢.
(٥) راجع الخطبة الأولي من نهج البلاغة [نهج البلاغة : ص ٤١] وشروحها [شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ٩١]. (المْولف)
(٦) البقرة : ٢٥٥.