أُحضرت من بغداد إلى حلب للبيع بخطِّه ، وكان خطّا متوسّطاً صحيح الوضع فيه تلتبس نقط ثابتة لا تكاد تتغيّر (كذا) ، وشعره جيد مشهور مصنوع لا مطبوع (١).
ووصفه ياقوت الحموي بأنَّه نحويّ لغويّ أديب من أفاضل العصر ، قال : وكان كاتباً بليغاً مليح الخطّ ، غزير الفضل ، متواضعاً مليح الصورة ، طيّب الأخلاق (٢).
وكان من شعراء الديوان العبّاسي ، ومدح الخليفة الناصر لدين الله بقصائد كثيرة كان يوردها في المواسم والهناءات (٣) ، فعرف واشتهر ورتّب كاتباً في ديوان التركات الحشريّة وناظراً فيه ، وهي تركات من يتوفّى وتحشر إلى بيت المال لعدم الوارث المستحقّ بحسب مذهب الشافعي ، وكان ببغداد رجل تاجر يُعرف بابن العنيبري ، وكان صديقاً له ، فلمّا حضرته الوفاة سأله الحضور إليه ، فلمّا حضر قال له : أنا طيّب النفس بموتي في زمان ولايتك ليكون جاهك على أطفالي وعيالي. فوعده بهم جميلاً ؛ فلمّا مات حضر إلى تركته وباشرها فرأى فيها ألف دينار عيناً فأخذها وحملها إلى الإمام الناصر ، وأصحبها مطالعة منه يقول فيها : مات ابن العنيبري ـ ورث الله الشريعة أعمار الخلائق ـ وقد حمل المملوك من المال الحلال الصالح للمخزن ألف دينار وهو في عهدة تبقيها دنياً وآخرةً.
قال القفطي : كان ظالم النفس ، عسوفاً فيما يتولاّه ، قال لبعض العاقلين : خف عذابي فإنّه أليم شديد. فقال له الرجل : فإذاً أنت الله لا إله إلاّ هو ؛ فخجل ولم يمنعه ذلك ، ولم يردعه عمّا أراده من ظلمه. قال : وكان يظنّ بنفسه الكثير حتى لا يرى أحداً مثله (٤)
__________________
(١) أصول التاريخ والأدب : ١٩ / ١٦٦ ، ٩ / ٦٧ ـ ٦٨ ، من مجموعاتنا الخطّية وعدّتها ثلاثة وثلاثون مجلّداً ، وهي في ازدياد. (المؤلف)
(٢) معجم الأدباء : ٧ / ١١٠ [١٩ / ٦٠]. (المؤلف)
(٣) أصول التاريخ والأدب : ١٩ / ١٦٦. (المؤلف)
(٤) أصول التاريخ والأدب : ٩ / ٦٧ ، ٦٨. (المؤلف)