لاميّته من الهاشميّات ، فحظي بدعائه عليهالسلام له ، وألف دينار وكسوة. وسنوقفك على تفصيل هذا الاجمال في ترجمة الكميت والحميري ودعبل.
ونظراً إلى الغايات الاجتماعيّة ، كان أئمّة الدين يغضّون البصر عن شخصيّات (١) الشاعر المذهبيِّ وأفعاله ، ويضربون عنها صفحاً إن كان هناك عملٌ غير صالح يسوؤهم ، مهما وجدوه وراء صالح الأمّة ، وفي الخير له قدم ، وصرّح به الحقّ عن محضه ، وصرّح المحض عن الزبد ، وصار الأمر عليه لزامِ (٢) ، وكانوا يستغفرون له ربّه في سوء صنعه ، ويجلبون له عواطف الملأ الديني ، بمثل قولهم : «لا يكبرُ على اللهِ أن يغفر الذنوب لمحبِّنا ومادحنا» ، وقولهم : «أيعزُّ على الله أن يغفر الذنوب لمحبِّ عليّ؟» و «إنَّ محبَّ عليٍّ لا تزلُّ له قدمٌ إلاّ تثبت له أخرى» (٣). وفي تلك القدم الثابتة صلاح المجتمع ، وعليها نموت ونحيا.
وهناك لأئمة الدين ـ صلوات الله عليهم ـ فكرة صالحة صرفت في هذه الناحية ، وهي كدستور فيها تعاليم وإرشادات إلى مناهج الخدمة للمجتمع ، وتنوير أفكار المثقّفين وتوجيهها إلى طرق النشر والدعاية ، ودروس في توطيد أُسس المذهب ، وكيفيّة احتلال روحيّات البلاد وقلوب العباد ، وبرنامج في صرف مال الله ، وتلويح إلى أهمّ موارده.
تعرب عن هذه الفكرة المشكورة إيصاء الإمام الباقر ابنه الإمام الصادق عليهماالسلام بقوله : «يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيّام منى» (٤). وفي تعيينه عليهالسلام ظرف الندبة من الزمان والمكان ؛ لأنَّهما المجتمع الوحيد
__________________
(١) أي الشؤون الشخصية للشاعر.
(٢) كلّ من هذه الجمل مَثَل يُضرب. لزام ـ بكسر الميم ـ مثل حذام ، أي : صار هذا الأمر لازماً له. (المؤلف)
(٣) توجد هذه الأحاديث في ترجمة أبي هريرة الشاعر والسيِّد الحميري وغيرهما. (المؤلف)
(٤) رواه بطريق صحيح رجاله ثقات شيخنا الكليني في الكافي : ١ / ٣٦٠ [٥ / ١١٧ ح ١]. (المؤلف)