تسير إلى ابن ذي يزنٍ سعيدٍ |
|
وتترك في العجاجةِ من دعاكا |
فهل لك في أبي حسن عليٍ |
|
لعلّ الله يُمكنُ من قفاكا |
دعاك إلى النزال فلم تُجِبهُ |
|
ولو نازلتَهُ تَرِبت يداكا |
وكنت أصمَّ إذ ناداك عنهُ |
|
وكان سكوتُه عنه مناكا |
فآب الكبشُ قد طحنتْ رحاه |
|
بنجدتِهِ ولم تطحن رحاكا |
فما أنصفت صحبك يا ابن هندٍ |
|
أتفرقه وتغضبُ من كفاكا |
فلا والله ما أضمرتَ خيراً |
|
ولا أظهرتَ لي إلاّ هواكا |
أشار عمرو بن العاص في هذه الأبيات إلى ما رواه نصر في كتاب صفّين (١) (ص ١٤٠) وغيره من المؤرخين : من أنَّ عليّا عليهالسلام ـ قام يوم صفّين بين الصفَّين ، ثمَّ نادى : «يا معاوية». يكرِّرها فقال معاوية : اسألوه ما شأنه؟ قال : «أحبُّ أن يظهر لي فأكلّمه كلمة واحدة» فبرز معاوية ومعه عمرو بن العاص ، فلمّا قارباه لم يلتفت إلى عمرو ، وقال لمعاوية : «ويحك علام يقتتل الناس بيني وبينك ، ويضرب بعضهم بعضاً؟ ابرز إليَّ ، فأيّنا قتل صاحبه فالأمر له». فالتفت معاوية إلى عمرو ، فقال : ما ترى يا أبا عبد الله فيما هاهنا ، أُبارزه؟! فقال عمرو : لقد أنصفك الرجل! واعلم أنّه إن نكلتَ عنه لم تزل سبّة عليك وعلى عقبك ما بقي عربيٌّ. فقال معاوية : يا عمرو ليس مثلي يخدع عن نفسه ، والله ما بارز ابن أبي طالب رجلاً قطُّ إلاّ سقى الأرض من دمه. ثمَّ انصرف معاوية راجعاً حتى انتهى إلى آخر الصفوف ، وعمرو معه.
خرج عليٌّ عليهالسلام ذات يوم في صفّين منقطعاً من خيله ومعه الأشتر ، يتسايران رويداً يطلبان التلَّ ليقفا عليه ، وعليٌّ يقول :
إنّي عليٌّ فسلوا لتخبروا |
|
ثمَّ ابرزوا إلى الوغى أو ادبروا |
سيفي حسامٌ وسِناني أزهرُ |
|
منّا النبيُّ الطيِّبُ المطهَّرُ |
__________________
(١) وقعة صفّين : ص ٢٧٤.