قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الإيضاح في علوم البلاغة

الإيضاح في علوم البلاغة

الإيضاح في علوم البلاغة

تحمیل

الإيضاح في علوم البلاغة

71/415
*

أن يصفد. وكذا قوله له في الثانية : «إنه حديد» ـ : «لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا».

وعن سلوك هذه الطريقة في جواب المخاطب عبّر من قال مفتخرا : [حاتم الطائي]

أتت تشتكي عندي مزاولة القرى

وقد رأت الضيفان ينحون منزلي (١)

فقلت كأنّي ما سمعت كلامها :

هم الضيف جدّي في قراهم وعجّلي

وسماه الشيخ عبد القاهر مغالطة.

وأما الثاني فكقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) [البقرة : الآية ١٨٩]. قالوا : ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلىء ويستوي ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا ، وكقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) [البقرة : الآية ٢١٥] ، سألوا عن بيان ما ينفقون ، فأجيبوا ببيان الصرف.

ومنه التعبير عن المستقبل بلفظ المضيّ تنبيها على تحقق وقوعه ، وأن ما هو للوقوع كالواقع ، كقوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) [النّمل : الآية ٨٧] ، وقوله : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (٤٧) [الكهف : الآية ٤٧] ، وقوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ) [الأعراف : الآية ٥٠] ، وقوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ) [الأعراف : الآية ٤٨] جعل المتوقّع الذي لا بدّ من وقوعه بمنزلة الواقع ، وعن حسّان أن ابنه عبد الرحمن لسعه زنبور ، وهو طفل ، فجاء إليه يبكي ، فقال له : يا بنيّ ما لك؟ قال : لسعني طويّر كأنه ملتف في بردى حبرة ، فضمّه إلى صدره ، وقال : يا بني قد قلت الشّعر.

ومثله التعبير عنه باسم الفاعل كقوله تعالى : (وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) (٦) [الذّاريات : الآية ٦] وكذا اسم المفعول ، كقوله تعالى : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) [هود : الآية ١٠٣].

ومنه القلب ، كقول العرب : عرضت الناقة على الحوض ، وردّه مطلقا قوم ، وقبله مطلقا قوم منهم السكاكي ، والحق إنه إن تضمّن اعتبارا لطيفا قبل ، وإلا ردّ.

أما الأول فكقول رؤبة : [بن العجاج]

ومهمه مغبرّة أرجاؤه

كأنّ لون أرضه سماؤه (٢)

__________________

(١) البيتان من الطويل ، وهما في ديوان حاتم الطائي ص ١٧٤.

(٢) الرجز لرؤبة في ديوانه ص ٣ ، والمصباح ص ٤٢ ، والإشارات والتنبيهات ص ٥٩.