كل جملة وضعتها على أن الحكم المفاد بها على ما هو عليه في العقل واقع
موقعه ، فإن قوله : «واقع موقعه» معناه في نفس الأمر وهو بيان لما قبله.
وكذا في كلام
الزمخشري حيث عرّف المجاز العقلي بقوله : أن يسند الفعل إلى شيء
يتلبّس بالذي هو في الحقيقة له ، فإن قوله : «في الحقيقة» معناه في نفس الأمر ،
ونحو «كسا الخليفة الكعبة» ـ إذا كان الإسناد فيه مجازا ـ كذلك.
ثم القول بأن
الفعل موضوع لاستعماله في القادر ؛ ضعيف ، وهو معترف بضعفه ، وقد رده في كتابه
بوجوه ، منها أن وضع الفعل لاستعماله في القادر قيد لم ينقل عن واحد من رواة اللغة
، وترك القيد دليل في العرف على الإطلاق ، فقوله : «إفادة للخلاف لا بوساطة وضع»
لا حاجة إليه ، وإن ذكر فينبغي أن لا يذكر إلا بعد ذكر الحد على المذهب المختار ،
على أن تمثيله بقول الجاهل : «أنبت الربيع البقل» ينافي هذا الاحتراز.
تنبيه : قد
تبين بما ذكرناه أن المسمّى بالحقيقة العقلية ، والمجاز العقلي ـ على ما ذكره
السكاكي ـ هو الكلام لا الإسناد ، وهذا يوافق ظاهر كلام الشيخ عبد القاهر في مواضع
من دلائل الإعجاز.
وعلى ما ذكرناه
هو الإسناد ، لا الكلام ، وهذا ظاهر ما نقله الشيخ أبو عمرو بن الحاجب رحمه الله عن الشيخ عبد القاهر ، وهو قول الزمخشري في
الكشاف ، وقول غيره ، وإنما اخترناه لأن نسبة المسمى حقيقة أو مجازا إلى العقل على
هذا لنفسه بلا وساطة شيء ، وعلى الأول لاشتماله على ما ينتسب إلى العقل ، أعني
الإسناد.
ثم المجاز
العقلي باعتبار طرفيه ـ أعني المسند والمسند إليه ـ أربعة أقسام لا غير :
__________________