وقولنا : «بتأوّل»
يخرج نحو قول الجاهل : «شفى الطبيب المريض» ؛ فإن إسناده الشفاء إلى الطبيب ليس
بتأوّل.
ولهذا لم يحمل
نحو قول الشاعر الحماسيّ :
أشاب الصغير
وأفنى الكبي
|
|
ر كرّ الغداة
؛ ومرّ العشي
|
على المجاز ،
ما لم يعلم أو يظنّ أن قائله لم يرد ظاهره.
كما استدلّ على
أن إسناد «ميّز» إلى «جذب الليالي» في قول أبي النّجم :
قد أصبحت أمّ
الخيار تدّعي
|
|
عليّ ذنبا
كله لم أصنع
|
من أن رأت
رأسي كرأس الأصلع
|
|
ميّز عنه
قنزعا عن قنزع
|
جذب
الليالي : أبطئي ، أو أسرعي
|
مجاز بقوله
عقيبه :
أفناه قيل
الله للشمس : اطلعي
|
|
حتى إذا
واراك أفق فارجعي
|
وسمّي الإسناد
في هذين القسمين من الكلام عقليا ؛ لاستناده إلى العقل ، دون الوضع ؛ لأن إسناد
الكلمة شيء يحصل بقصد المتكلم ، دون واضع اللغة ، فلا يصير «ضرب» خبرا عن «زيد»
بواضع اللغة ، بل بمن قصد إثبات الضرب فعلا له ، وإنما الذي يعود إلى واضع اللغة
أن «ضرب» لإثبات الضرب لا لإثبات الخروج ، وأنه لإثباته في زمان ماض ، وليس
لإثباته في زمان مستقبل ، فأما تعيين من ثبت له ، فإنما يتعلق بمن أراد ذلك من
المخبرين.
ولو كان لغويا
لكان حكمنا بأنه مجاز في مثل قولنا : «خطّ أحسن مما وشّى الرّبيع» من جهة أن الفعل
لا يصح إلا من الحي القادر ـ حكما بأن اللغة هي التي أوجبت أن
__________________